قوانين الدواوين

قوانين الدوانين، هو كتاب من تأليف اسعد بن المهذب بن زكريا سنة 1209، ويتحدث عن مصر في عصر الدولة الأيوبية.

قوانين الدواوين
قوانين الدواوين
معلومات الكتاب
المؤلف اسعد بن المهذب بن زكريا
تاريخ النشر 1209
مكان النشر مصر
الموضوع تاريخ الدولة الأيوبية

محتوى الكتاب تعديل

الكتاب لثلاثة موضوعات رئيسية:

  • جغرافية القطر المصري في العهد الأيوبي فتكلم بصفة عامة عن مصر ونهر النيل في الباب الثاني ثم في الباب الثالث يذكر أعمالها وتفاصيل نواحيها وتحقيق أسماء ضياعها، وكفورها، وجزايرها، ومناها، وكل مايقع عليه اسم الديوان منها. والقوائم التي ذكرها في هذا الباب هي من أقدم ماعرف من نوعها في تاريخ مصر الإسلامية. وفي الباب الخامس يذكر خلجانها وترعها وجسورها.
  • المسائل الخاصة بأنظمة الحكم في عصر بني أيوب، في الباب الثامن يستعرض وظائف الدولة الهامة واختصاص كل منه، وفي الأجزاء الأخيرة من الكتاب يذكر شذرات طريفة عن بعض الدواوين ودور الحكومة وموارد الدولة المالية.
  • شئون البلاد الزراعية، فيذكر أنواع الأراضي المختلفة، والفصول الزراعية، وأنظمة الري، وأنواع المزروعات، وأوقات غرسها وحصادها، والبساتين وأوقات تقليم الأشجار. وفي الباب السابع يذكر أصول مساحة الأرض وبعض القضايا الهندسية المتعلقة بها، وبالكتاب ملاحظات كثيرة عن السنة القبطية وعلاقتها بالزراعة المصرية.

مصر الأيوبية تعديل

يتحدث كتاب قوانين الدواوين، لمؤلفه الأسعد بن مماتي، والذي يعود إلى زمن الدولة الأيوبية (تحديداً القرن الـ12 ميلادياً)، عن مصر ومقوماتها وسماتها، من مختلف الجوانب، ففي الوصف الجغرافي للقطر المصري خلال الدولة الأيوبية، يقول المؤلف: "تقع في الإقليم الثاني والثالث من المعمورة (ويعني افريقيا وآسيا). وأما عن طولها وعرضها، فيوضح أنها، مسافة أربعين يوماً طولاً، وثلاثين يوماً عرضاً (ما بين مدن رفح والعريش حتى أسوان طولاً، ومن أيلة حتى برقة عرضاً).

كما يشير مماتي في كتابه إلى أنه تعود تسمية مصر إلى "مصر بن بيصر بن نوح عليه السلام"، كما جاء ذكر فضائلها في القرآن الكريم.

القرآن والحديث تعديل

ويعود المؤلف، عقبها، إلى تناول ما جاء من ذكر لفضائل مصر ضمن القرآن الكريم ومأثور الحديث الشريف. ليتوقف مع وصف نيلها ومبتدئه ومنتهاه وطوله، وأيضاً حالته عند نقصه وزيادته (يعنى فيضان النيل). كما وصف مماتي ما اجتمع في مصر من عجائب، وما انفردت به من غرائب. ولم يغفل الحديث عن تاريخ الفتح الإسلامي لها، وكيف فتحت، صلحاً أم عنوة وسبب الخلاف في ذلك.

أسماء البلدان تعديل

وينتقل المؤلف، اثرها، إلى سرد وصفي شيق لأسماء الضياع والكفور والجزر وغيرها من الأماكن لتجمع المصريين. وقد حقق هذا الباب تحديداً، الأستاذ محمد رمزي بك، وهو أحد الباحثين المصريين، قبل عام 1935م (سنة نشر الكتاب للمرة الأولى، بمعرفة الجمعية الزراعية المصرية). وأفاد محقق الكتاب، أنه وبالرجوع إلى النسخ المختلفة من نسخ الكتاب في المكتبات الأوروبية، وجد تنوعاً في تفاصيل هذا الفصل، وهو ما برره باعتبار وصف تلك المدن والقرى، من الأسرار، حتى ان الباب بكامله اختفى في إحدى النسخ.[1]

أنظمة الحكم تعديل

كما نجد أن مؤلف الكتاب (الباحث الأيوبي مماتي)، تصدى إلى كثير من المسائل الخاصة بأنظمة الحكم في فترة الحكم الأيوبي، حيث استعرض وظائف الدولة الهامة وتخصصاتها، وهو ما نطلق عليه الآن مسمى الهيكل الوظيفي والإداري للدولة، وذلك سواء على مستوى الدواوين أو الوظائف المختلفة للعاملين بها. ويدرج لنا تفاصيل حول أسماء المستخدمين من حملة الأقلام (ويعني الموظفين في الهيكل الإداري للديوان أو الوزارة).

وكذلك يطلعنا على مهمة ودور "الناظر"، مبيناً انه من يكون على رأس الديوان، أو مدير ما."الناظر شخص يستظهر به على متولي الديوان، أو مشارف عمل، وليس لأحد مستخدميه أن ينفرد عنه بشيء من علم المنظور فيه، محفوظاً بخطه، وان كان ناظر مشارف، كتب خطه على ما يرفع من الحساب، ويخرج من الوصلات، وهو المخاطب على كل ما يتم من معاملته من خلل". وهذا ما يعني فعلياً، أن والناظر هو الذي يرأس الجميع، وهو الذي يوقع على الحسابات ويعتمدها، وهو المخاطب من الجهات الخارجية.. وهكذا.

الزراعة تعديل

وأما عن الشؤون الزراعية، فقد أفاض مماتي في توصيفها، إذ ذكر أنواع الأراضي المختلفة، والفصول الزراعية، وأنظمة الري، وأنواع المزروعات وأوقات غرسها وحصادها، والبساتين وأوقات تقليم أشجارها.. وغيرها من المعلومات.

ملاحظات وتصويب تعديل

وبطبيعة الحال، يجد القارئ جملة ملاحظات حول الكتاب، ولكنها بالعموم لا تؤثر على قيمتها الجوهرية، وهي من قبيل: نشر دون تنقيح أو تصويب الأخطاء اللغوية أو النحوية، أضيفت فيه أكثر من قراءة في بعض المواضع حرصاً على رصد مجمل ما تم تجميعه من النسخ المختلفة من الكتاب (حيث تلاحظ بعض الزيادات أو النقص في نسخة عن أخرى، وهي من مظاهر كتب تلك الفترة التي كانت تعتمد على ناسخ محترف لكتابة كل نسخة).

كما يلفت محقق الكتاب الى أن النسخة الأصلية للكتاب، كان قد كتبها المؤلف باختصار شديد، وبأسلوب تعبير هو بأقل عدد من الكلمات عن الفكرة المطروقة، مما جعله من أصعب الكتب التي يمكن أن يقرأها القارئ اليوم.

تحليل الكتاب تعديل

كتاب قوانين الدواوين هو كتاب علمى صرف يتحدث فيه ابن مماتى عن مصر بصفة عامة ونهر النيل ومساحة الأرض وتحقيق أسماء ضياعها وكفورها وخلجانها، بالإضافة إلى تناوله الأراضى المختلفة، والفصول الزراعية، وأنظمة الرى، وأنواع المزروعات وأوقات غرسها وحصادها وغير ذلك من الأمور الهامة.[2]

كذلك يتصدى الكاتب إلى كثير من المسائل الخاصة بأنظمة الحكم في عصر بني أيوب. مثال ذلك "الباب الثامن" الذى استعرض فيه المؤلف وظائف الدولة وشرح اختصاص كل منها، كما أنه أتى في الأجزاء الأخيرة من الكتاب على شذرات كثيرة طريفة عن بعض الدواوين ودور الحكومة و موارد الدولة.

ويقول العلامة الكبير الراحل عزيز سوريال الذى حقق الكتاب إن قيمته ليست مقصورة على سعة اطلاع المؤلف وغزارة علمه وحدة ذهنه، وإنما ترجع كذلك إلى مكانته الخاصة في المجتمع المصرى ومركزه السامى في حكومة البلاد، فابن مماتى - كما يظهر من تاريخ حياته فيما بعد - تقلب في كثير من دواوين الحكومة، وانتهى به الأمر إلى تقلد الوزارة نفسها، وبذلك أصبح كل ما يكتبه ذا صبغة تجعله وثيقة رسمية صدرت عن قلم أحد وزراء الدولة المسئولين.

كذلك يخبرنا الدكتور عزيز سوريال أن ابن مماتى اعتذر عن تقديم بعض المعلومات لأنه اعتبرها من أسرار الأمن القومى أو من أسرار الدولة التى لا يجوز إذاعتها - هذه الشخصية التى تجمع بين الخيال الأدبى الساخر والدقة العلمية المفرطة إلى جانب الحس الوطنى اليقظ كيف نراها؟

لقد تساءل المستشرق الفرنسى الكبير كازانوفا، الذى حقق كتاب "الفاشوش"، وعلق عليه قائلاً : ""كيف نوفق بين صورة هذا المؤلف الذى يخوض في كتابات الفكاهة ويكتب فيها كتاباً بالعامية، ثم يكتب كتاباً آخر بالفصحى عن الأرض ومساحة المدن ويعزف عن إباحة أسرار الدولة، فيرتفع إحساسه بالمسئولية إلى هذا الحد المتعقل؟".

إن الصورتين تتكاملان لو علمنا أن ابن مماتى كان غاضباً حانقاً بلا شك على القائد قراقوش الذى يقربه صلاح الدين إليه. وهو حانق من وجهة نظر مذهبية كما يذهب كازانوفا، وهو حانق كذلك لأن أمور مصر ساءت على الرغم من الإنجازات التى حققها صلاح الدين في الخارج من صفحات وضاءة في الفتوحات وصد الصليبيين، ولكن هذه الصفحات كانت مصابة ببقع الحكم الاستبدادى في الداخل وإطلاق الشهوة "القراقوشية".

ولعل هذا الوضع يبرر من جانب الحكام عادة باسم المصلحة العامة (باستخدام أسلوب العصر) ولكنه لا يبرر من زاوية المحكومين أبداً. كما أننا نتصور أن حنق هذا الاقتصادى أو هذا المالى ابن مماتى على قراقوش هو حنق له ما يبرره لأن الاقتصادى ينظر للأمور نظرة مخالفة لنظرة القائد العسكرى، مما يثير الفرقة في النظر دون شك.

وقد علق الدكتور عزيز سوريال على ما جاء في كتب المؤرخين بملاحظات عدة نذكر منها:

أن مؤلف كتاب "قوانين الدواوين" لم يكن أول شخص عظم شأنه في دواوين الحكومة من بين أفراد أسرته، إذ نجد أن جده أبا المليح الذى عاش بمصر في العصر الفاطمى عمل في خدمة الوزير بدر الجمالى والخليفة المستنصر بالله حتى بلغ في سلم الترقى إلى وظيفة "مستوفى الديوان" وهى من الوظائف الرئيسية في الدولة الفاطمية، وبعد موته تولى ابنه واسمه المهذب بن أبى المليح رئاسة "ديوان الجيش" والدولة الفاطمية تحتضر في وزارة أسد الدين شيركوه السنى ، وفى عهده أسلم هو وأولاده لكى يفلت من التضييق الذى وقع على النصارى وقتئذ، ويحتفظ بمكانته السامية في دواوين الحكومة، وأما ابنه وهو حفيد أبى المليح واسمه الأسعد فقد قضى الجزء الأول من حياته في عصر الانتقال من الفاطميين للأيوبيين، وورث في بداية الأمر عن أبيه وجده "ديوان الجيش" الذى احتفظ به في عهد صلاح الدين الأيوبى ( 1193 م) وفى سلطنة ابنه العزيز عماد الدين عثمان (1193 - 1198 م)، ويظهر مما ورد في رواية ياقوت الرومى أنه أضيف إليه أيضاً "ديوان المال" الذى يعتبر في كل العصور أهم الدواوين والوزارات، ويلوح أنه ظل محتفظاً بوزارته ودواوينه أيضاً خلال سلطنة المنصور محمد (1198 - 1199م) وشطر من سلطنة العادل سيف الدين أبى بكر ( 1199 - 1218م) ، ولكن كثرت عليه المؤامرات في عهد هذا الأخير وأودت بمركزه وماله، وأدت إلى هروبه فقيراً ذليلاً إلى ما وراء الحدود المصرية في الشام حيث قضى بقية أيامه بمدينة حلب ومات بها في جمادى الأولى سنة (نوفمبر 1209م) وعمره إذ ذاك اثنتان وستون سنه.

ثانياً: يلاحظ أن الوزارة لم تشغل الأسعد عن الأدب والتأليف، ونظرة واحدة في أسماء الكتب التى صنفها والتى ذكر أكبر عدد منها ياقوت الرومى تكفى لإيضاح هذه الحقيقة، ولكن الغريب في ذلك هو أنه لم يتحدث عن "كتاب" قوانين الدواوين" من بين قدماء المؤرخين سوى المقريزى هو الوحيد الذى اهتم بمثل ما ورد في ذلك الكتاب من المحتويات، بينما اقتصر الآخرون على الناحية الأدبية البحته من تآليفه، ورواية المقريزى في هذا الصدد عظيمة الشأن، ويفهم منها أن ابن مماتى ألف الكتاب للملك العزيز، ثم يزيد على ذلك أن الكتاب المتداول في أيدينا إنما هو نسخة مختصرة من الكتاب الأصلى الذى كان يقع في أربعة مجلدات ضخمة". فإذا صحت نظرية المقريزيى، وضح لنا السبب في الاختلافات الكبيرة بين مجموعة المخطوطات الصغرى التى اعتمد عليها ناشر نسخة مطبعة الوطن والمجموعة الكبرى التى اعتمدنا عليها فيما ننشره اليوم في المجلد الحاضر، وبالرغم من أن "كتاب قوانين الدواوين" الذى يظهر في هذه الصفحات من أروع الوثائق التاريخية في عصر الدولة الأيوبية، فإنه لا يسعنا إلا إبداء أسفنا الشديد على ضياع الأصل المطول ذى المجلدات الأربعة والتى لم نعثر عليها في أى مكان توجد فيه مخطوطات عربية في أوربا من لندن وباريس إلى استانبول والقاهرة وغيرها من العواصم

  1. "كتاب قوانين الدواوين". جريدة البيان. 2012-06-26. Retrieved 2012-10-05.
  2. نسيم مجلي (2010-05-07). "الأسعد بن مماتى...رائد أدب السخرية". الأقباط.com. Retrieved 2013-12-26.[permanent dead link]