مستخدم:خرياسوس المدون/أدب
محققين خياليين
تعديلشيرلوك هولمز
تعديلعشان ناخد جولة مع أشهر المحققين الخياليين في التاريخ.. لازم نرجع للعام 1841..
احنا اتربينا على القصص دي و علمتنا كتير في سبل التفكير المنطقي العقلاني.. بس النهاردة للأسف توارت في الظل، و محدش بقى يعرف عنها شيء...
العام 1841.. و الجريمة الغريبة في "شارع مورج".. اللي بتروح ضحيتها "مدام ليسبانيه Madame L'Espanaye" و بنتها داخل منزلهم..
جريمة بشعة محدش عارف يتوصل سرها..
بيظهر السيد "أوجوست ديووبا Auguste Dupin".. هو مش محقق محترف.. بس ذكي للغاية، و له مصطلح ظهر لأول مرة و دخل اللغة على إيده و نقدر نترجمه بالـ"تفكير المنطقي ratiocination" مع شوية خيال خلّاق...
"The Murders in the Rue Morgue الجرائم في شارع مورج" ..
أول رواية على الإطلاق في العصر الحديث بيظهر فيها شخصية "المحقق" اللي بيوصل لحل لغز الجريمة عندما يعجز الجميع.. و يظهر ""أوجوست ديووبا" كأول شخصية خيالية لمحقق في الأدب الحديث.. علي يد الأديب الأمريكي العظيم "إدجار ألآن بوو Edgar Allan Poe"...
بيظهر بعد كده "أوجوست ديووبا" مرتين في قصص "بوو".. مرة في قصة "لغز ماري روجيه The Mystery of Marie Rogêt" و مرة أخيرة في قصة "الرسالة المسروقة The Purloined Letter".. و بعدين بينزوي و يختفي، مع وفاة "بوو" نفسه، بالرغم من إنه بيظل يحمل لقب "أول محقق في عالم الأدب" لحد يومنا هذا.. و بيصبح مصدر إلهام للكثيرين من بعده...
مشكلة "أوجوست ديووبا" كمحقق.. إنه فيه شيء غير بشري.. تحس إنه آلة للمنطق و بس.. بخلاف شخصية المحقق البريطاني "شيرلوك هولمز Sherlock Holmes" اللي ظهرت بعده سنة 1887...
و"هولمز" بالمناسبة استوحاه مؤلفه "آرثر كونان دويل Sir Arthur Conan Doyle" اللي في الصورة دا.. من شخصية حقيقة..
شخصية موجودة في عالم الواقع.. امتلكت الذكاء و قوة الملاحظة الخارقين دول بالفعل..
الشخصية دي كانت البروفسير الإسكتلندي "جوزيف بل Joseph Bell" أستاذ الجراحة بجامعة إدنبرة، اللي كان بيمتلك قوة ملاحظة تفوق الخيال، بتمكنه من الوصول لاستنتاجات كبري، بناء علي ملاحظات بسيطة، بيجمعها سويا بطريقة منطقية...
الدكتور "جوزيف بل" كان يقدر يعرف مشاكلك الصحية من النظر في وجهك.. و يقدر يعرف أصلك و أسلافك من ملامحك و تكوينك العظمي.. و يقدر يعرف الحوداث اللي اتعرضت لها من الخدوش علي جلدك و يعرف إنك في مشكلة بتؤرقك من الحلقات الداكنة حول عينيك بسبب السهر.. و ينظر إلي اصابعك فيشوف أثر "لخاتم" مخلوع.. فيعرف إنها مشكلة عاطفية!
بالإضافة لبروفسيور "بل".. "هولمز" بيحمل كتير جدا من صفات "سير هنري دونكان ليتلجون Sir Henry Duncan Littlejohn" أستاذ الطب الشرعي، اللي بحكم عمله، علّم "دويل" حاجات كتير في مجال الجريمة، و خلاه يقف علي الحد الفاصل بين الطب و بين نظام العدالة...
"هولمز" بيعتمد على قوة ملاحظته الخرافية، و طريقة "الإستبعاد المنطقي Abductive reasoning".. بيستبعد كل المستحيلات و يدرس الباقي بالمنطق.. و يجمع التفاصيل الصغيرة و يوصل للحقيقة.. و له دايما جملة بيقولها "إذا استبعدنا المستحيلات، بقيت لنا الحقيقة مهما بلغت غرابتها"...
هولمز ملاكم بارع زي ما بنكتشف في قصة "علامة الأربعة The Sign of the Four".. و خبير في فنون القتال زي ما بيصرح في قصة "مغامرة المنزل الخالي The Adventure of the Empty House".. و بارع في التصويب و استخدام الأسلحة النارية.. و عامة قوة "هولمز" الجسدية مش طبيعية.. و بتتفوق بمراحل على الرجل العادي...
هولمز معاه دايما صديقة الطبيب "واطسون Dr. Watson" اللي بيمثل له "الغباء البشري المعتاد" في حل لغز الجريمة.. و بالتالي لما واطسون بيفكر في إتجاه معين.. هولمز بيستبعد الإتجاه دا.. لأن دي الطريقة اللي القاتل عايز "الناس العادية" زي "واطسون" تفكر بيها...
"هولمز" بدأ فقير، لدرجة إنه اتعرف علي واطسون لما كان بيدور على حد يسكن معاه و يقتسم معاه الإيجار.. و بعدين بدأ يكسب كتير جدا من عمله.. بس واطسون بيشير في "مغامرة بيتر بلاك The Adventure of Black Peter" إن "هولمز" كان بيرفض يقدم خدماته أحيانا حتى للأثرياء و ذوي النفوذ مهما أغروه بالمال، لو القضية لم تثر اهتمامه أو تستهويه ...
بخلاف "واطسون" اللي كان متزوج و ترمّل.. "هولمز" عدو للمرأة.. و يبدو إنه مالوش تقل علي قصص "ما انت لو مهتم كنت عرفت لوحدك".. و "انت بطلت تحبني زي زمان و الشغل خدك مني".. لأنه بيقول في مرة "إزاي ارتبط بكائن غامض مش مفهوم زي المرأة؟.. إزاي تقدر تبني بناء ثابت على رمال متحركة"..؟
و بيتكلم "دويل" عن هولمز في رسالة للدكتور "جوزيف بل" و بيقول له "ممكن هولمز يقع في الحب لو الكمبيوتر وقع في الحب".. مشيرا لأول جهاز بدائي نقدر نسميه "كمبيوتر".. اخترعه "تشارلز بابادج Charles Babbage" سنة 1837...
بس اللي بيحصل مع الوقت.. إن الناس بتتعامل مع "سير كونان دويل" عشان "هولمز" بس.. و لما بيدعى لحفل بيبقي بسبب "هولمز" وبيبقي أي حوار معاه عن "هولمز".. و لما حد بيبعت له هدية بيبقى علشان "هولمز".. و لما بتعجب بيه سيدة بيكون اعجابا بشخصية "هولمز"..
كل حياته بقت مبنية علي "هولمز".. و دا بيبدأ يسبب له ضيق.. و نوع خاص جدا من الغيرة.. من الشخصية اللي ابتكرها بنفسه...
و في ليلة باردة من ليالي ديسمبر سنة 1893 بيقعد "دويل" إلي مكتبه و بيكتب قصة "اللغز الأخير The Final Problem".. اللي بيقرر ينهي فيها حياة بطله "شيرلوك هولمز" للأبد...
في القصة دي "دويل" بيقدم مجرم محترف "خارق الذكاء criminal mastermind" يليق بـ"هولمز".. "الدكتور جيمس مورياتي James Moriarty"، أستاذ الرياضيات العبقري، اللي انحرف و سلك عالم الجريمة، و اتورط في عشرات من جرائم السرقة و التزوير و القتل، دون ما يسب وراه دليل واحد.. يخلي الشرطة تقدر تقبض عليه...
"هولمز" بيحاول يتتبع "مورياتي".. فالأخ "مورياتي" بيروح له البيت و بيطلب منه يتوقف عن مطاردته و إلا حيضطر يقتله.. "هولمز" بيرفض.. و بيتعرض لثلاث حوادث مميتة كلها من تدبير المجرم العبقري .. و بينجو منها بأعجوبة..
بيسافر "هولمز" بعدها لسويسرا و بيترك رسالة لواطسون.. هولمز كان رايح يلتقي بالمجرم العبقري د. "مورياتي" عند شلالات رايكنباك Reichenbach Falls " عشان يتناقشوا ويدخلوا في مبارزة عقلية.. و يصارح كل منهم الآخر إزاي كان بيتوصل لتحركات التاني و يقتفي اثره...
صراع بين عقل.. و عقل...
لما بيروح "واطسون" لمكان اللقاء.. مبيلاقيش حد.. بس لما بيقرا الرسالة بيكتشف إن "هولمز" قرر يخلص المجتمع من شرور "مورياتي" بس "بمقابل فادح سيحزن كل المقربين منه"..
بيعرف واطسون إن صراع دار بين الرجلين انتهت سطوره بموت المحقق و المجرم معاً و غرقهم في الشلال.. و محدش عرف ينتشل جثثهم...
بيموت "هولمز".. و بيستقبل القراء القصة دي بذهول وباستنكار..
و انهالت علي "دويل" الخطابات الغاضبة المعترضة.. بس دويل كان استريح و حس انه استرد شخصيته اللي طغى عليها "هولمز"...
للأسف بيفاجأ "دويل" إن الناس بدأت تنفض من حواليه تدريجياً و محدش بقي بيكلمه أساساً.. و لا حد بيزوره و لا يسأل عنه زي زمان.. و لقى نفسه وحيد تماما.. فاضطر يرجع "هولمز" للحياة مرة أخرى في قصة "كلب عائلة باسكرفيل The Hound of the Baskervilles ".. و بيشرح "هولمز" لواطسون في القصة إن موته كان مجرد تمثيلية عشان يتخلص من أعدائه...
في كتير مايعرفوش "سير آرثر كونان دويل" بس مفيش حد في العالم من أقصاه إلي أقصاه ماسمعش عن "شيرلوك هولمز".. لدرجة إنه تسلل للإفيهات و الأمثال الشعبية في العالم كله كرمز للذكاء و التفكير المنطقي..
"هولمز" له تمثال لحد النهاردة في مسقط رأس "دويل" بأدنبره.. التمثال اللي في الصورة دا..
طريقة "هولمز" في الإستنتاج و الوصول للقاتل عامله زي السحر حقيقي.. و في خبراء كتير شايفة إنه أثّر في تطوير علوم الطب الشرعي نفسها و كيفية تعاملها مع مسرح الجريمة و في علم "الإجرام Criminology"..
لحد النهاردة.. طريقة "هولمز" في الإستنتاج بيتم تدريسها للطلبة في كليات الشرطة في معظم دول العالم...
هولمز يختلف عن "هركيول بوارو Hercule Poirot" المحقق البلجيكي شديد البراعة.. اللي ابتكرته "أجاثا كريستي Dame Agatha Christie".. اللي طبعا يحتاج منشور لوحده، و دا يخلي لحديثنا بقية...
مراجع
1 - Accardo, Pasquale J. (1987). Diagnosis and Detection: Medical Iconography of Sherlock Holmes. Madison, NJ: Fairleigh Dickinson University Press.
2 - Knowles, Christopher (2007). Our Gods Wear Spandex: The Secret History of Comic Book Heroes. San Francisco: Weiser Books. p. 67.
3 - Riggs, Ransom (2009). The Sherlock Holmes Handbook. The methods and mysteries of the world's greatest detective. Philadelphia: Quirk Books.
4 - Conan Doyle, Arthur (1986). The Complete Sherlock Holmes, Volume 2. Bantam Books. p. 480. Retrieved 17 October 2014.
هيركيول بوارو
تعديلسيدة متحفظة جدا، هادئة الطباع، بتحب الجلوس في المنزل علي مقعدها المفضل و القراءة مع كوب من الشاي، و كانت مفتونة بقصص "شيرلوك هولمز" للسير "آرثر كونان دويل".. و هي صغيرة كانت من الطبقة الوسطي، و كان والدها معتلّ الصحة، و عاني سلسلة من الأزمات القلبية انتهت بوفاته..
وفاة الأب خلت الوضع المالي للأسرة مهتز.. و دا خلا "أجاثا كريستي" معندهاش أي وسائل تسلية أو رفاهية زي باقي الأولاد و البنات من طبقتها، فكانت بتمضي الوقت بأنها تقرا كتير جدا.. "أجاثا" بتشير لاحقا في حوار من حواراتها إن طفولتها انتهت بوفاة والدها، و هي عندها 11 سنة...
بتكبر و تشتغل و تاخدها الحياة.. لحد سن 26 سنة..
و في أحد أيام الصيف سنة 1916؛ في منتصف الحرب العالمية الأولى.. بتجلس إلي آلتها الكاتبة و بتقرر تكتب قصة خاصة بها يكون بطلها محقق زي "شيرلوك هولمز".. بس في نفس الوقت يختلف عنه.. فبتكتب قصة اسمها "قضية قصر ستايلز الغامضة The Mysterious Affair at Styles"...
و في اللحظة دي بيخرج للنور المحقق البلجيكي "هيركيول بوارو Hercule Poirot"...
"بوارو" مختلف عن هولمز جدا.. في كل حاجة.. بينما هولمز ممشوق و رياضي و بطل كما ينبغي لأبطال القصص أن يكونوا.. فـ"بوارو" كان قصير القامة.. عديم اللياقة البدنية.. ممتليء شوية.. "هولمز" كان ممكن يحط على كتفه الشال الكاروهات الإسكتلندي فوق أي ملابس و يتحرك عند الضرورة.. بينما "بوارو" ممكن يسيب مسرح الجريمة و يدخل الحمام يقف قدام المراية يسرّح شنبه.. معجب بنفسه لدرجة غريبة.. لدرجة إنه مرة وصف شنبه بإنه "لا مثيل لجماله في العالم"...!!
"هولمز" كان فوضوي إلي حد ما.. ودا مديله مسحة آدمية.. بينما "بوارو" مولع بالترتيب والنظام لدرجة المرض.. و بينما "هولمز" ممكن لو استفزيته ينفعل و يدعوك لمبارزة.. "بوارو" كان بارد الأعصاب و على طول مبتسم ابتسامة لزجة.. محدش يعرف يستفزه بسهولة.. بينما هو يقدر يستفز أي حد...
"هولمز" بيعتمد على ذكاء خارق و قدرة غير عادية على الملاحظة مع طريقته المنطقية اللي اتكلمنا عنها، و"بوارو" بيعتمد علي خبرته كشرطي سابق، و معرفته بـ"علم السموم toxicology".. و بأشكال الإصابات و أنواعها و مسبباتها، السبب في إمتلاك "بوارو" للمقدرة دي هي إن "أجاثا كريستي" اشتغلت لفترة كممرضة و مساعدة صيدلي في مستشفى أثناء الحرب...
بينما سير "دويل" اعترف إن "هولمز" هو في معظم شخصيته بيحاكي الدكتور "جوزيف بل" في عالم الواقع، مدام "أجاثا" كانت متحفظة للغاية بخصوص حياتها الشخصية، و بالتالي شخصية "بوارو" مفيهاش أي شيء منها أو من حد عرفته..
تأثر "أجاثا" بعالم "هولمز" مكانتش بتنكره، و كانت بتعترف إن "دويل" أستاذها بينما "دويل" كان بيقرالها و يستمتع باللي بتكتبه.. لدرجة إن في واقعة معينة في حياتها، كانت بداية الباب اللي دخل منه الناس لحياتها الشخصية.. واقعة اختفائها.. "دويل" ترك كل أعماله و بدأ يبحث عن "أجاثا كريستي" اللي اختفت بشكل غامض من دون ما تترك أثر...
ففي ليلة باردة من ليالي ديسمبر 1926، و في قمة نجاحها بعد بدء انتشار قصصها.. رجل الأعمال "أرشي كريستي Archie Christie" بيصارح زوجته "أجاثا" إنه مابقاش بيحبها و إنه اتعلق بأخرى.. دارت خناقة بين الزوجين و ساب البيت و راح لعشيقته.. "أجاثا" بتسيب البيت برضه و بتترك خطاب إنها رايحة يوركشاير.. بس مبتوصلش يوركشاير ليلتها أبدا.. بيلاقوا عربيتها مغروسة في محجر للحجر الجيري في "نيولاندز كورنر Newlands Corner".. و فيها رخصة قيادة منتهية.. بدون أي أثر لها...
الدولة بتهتم بالحادث بشدة.. ووزير الداخلية "ويليام هيكس William Joynson-Hicks" بيجند قوات الشرطة للبحث عنها و بيحط مكافأة من جيبه الخاص قدرها 100 جنيه استرليني للي يرشد عنها.. و دا مبلغ يوازي 20 آلف جنيه استرليني النهاردة..
بتتحرك فرق البحث المكونة من 15 ألف شرطي و مخبر ومتطوع.. لحد ما بيلاقوها بعد 11 يوم في مركز تجميل.. محدش عارف هي اختفت ليه و إيه اللي حصل.. بس الأطباء اللي فحصوها أعلنوا إنها أصيبت بفقدات ذاكرة جزئي نتيجة صدمة وفاة والدتها و بعدين خيانة زوجها في العام نفسه...
"دويل" وقتها كان مجند ناس من ماله الخاص و بيدور عليها عن طريقهم و بنفسه.. لدرجة إنه أخد قفاز من قفازاتها و راح به لوسيط روحاني، علشان يدله على مكانها...
إختفاء "أجاثا كريستي" ألهم "دوروثي سايرز Dorothy L. Sayers " قصتها "ميتة غير طبيعية Unnatural Death" و ألهم الكاتب "فيليب براوز Philip Prowse" قصته الشهيرة "المرأة التي اختفت The Woman who Disappeared"...
اختارت "أجاثا" بوارو "بلجيكي" الجنسية، عشان تساند بلجيكا معنويا في حربها ضد الألمان.. الإنجليز عموما كانوا متعاطفين للغاية مع البلجيكيين في الفترة دي، و ماننساش إن سقوط بلجيكا كان "السبب الرئيسي casus belli" لأن إنجلترا تدخل الحرب...
زي "هولمز".. "بوارو" له رفيق اسمه "هاستنجز Arthur Hastings".. و دا بيعادل "واطسون" مع "هولمز".. و بيأدي نفس دوره.. و بيوري "بوارو" المجرم عايز "الناس العادية" تفكر في اي إتجاه، و بالتالي بيستبعده...
"بوارو" أيام ما كان شرطي كان بارع جدا.. لدرجة إنه في مرة بيحبط عملية لإختطاف رئيس وزراء بريطانيا نفسه بواسطة الألمان في قصة "رئيس الوزراء المختطف The Kidnapped Prime Minister"..
عكس "هولمز" برضه.. "بوارو" كان "عالمي" شوية في قصصه.. لف معظم أنحاء العالم و حل جرايم في كل حتة.. و في "جريمة قطار الشرق السريع Murder on the Orient Express".. بيروح من إسطنبول للندن ليوغوسلافيا عشان يحل لغز جريمة بدأ أول خيوطها في الولايات المتحدة..
حل لغز جرائم في العراق "جريمة في بلاد الرافدين Murder in Mesopotamia" و جه عندنا مصر في "الموت فوق النيل Death on The Nile".. و حل لغز جريمة في مقبرة فرعونية في قصة اترجمت تجاريا باسم "لعنة التابوت The Adventure of the Egyptian Tomb" ..
لف معظم دول العالم تقريباً.. و من مميزات "بوارو" إنه مكانش جبلّة مع الستات زي "هولمز".. بالعكس.. كان بيقدر المرأة و يحترمها.. ومرة وقع في غرام الكونتيسة الروسية "فيرا روسكوف Vera Rossakoff".. اللي الثورة البلشفية هوت بها من طبقتها الأرستقراطية الثرية إلي حضيض الفقر.. فاتحولت إلي لصة مجوهرات فاتنة...
"فيرا" كان فيها كتير من شخصية "بوارو".. فكان عندها قدرة علي اختلاق القصص و الأحداث بسرعة مدهشة و بدون ثغرات، عشان تخدع أعدائها.. و الاتنين ماتعرفش هم فين في السلم الإجتماعي.. بيتعاملوا و يتصرفوا كأثرياء.. بينما هم مش أثرياء و لا فقراء و لا تقدر تقول عليهم "طبقة وسطي".. "بوارو" بيحب "فيرا" بجنون و في قصة "الأربعة الكبار The big four" بيساعدها على الهرب والفرار من العدالة....
"بوارو" كتير جدا كان بينفذ العدالة بإيده حسبما يراها.. و في المجموعة القصصية "ذات الشعر الذهبي" بيقف جانب متهمة في قضية ابتزاز و بيغطي علي جريمتها ضد موكله و بيساعدها على الهرب.. و بيديها فلوس تقدر تبدأ بيها في مكان آخر..
كذلك في قصة "مقتل روجر أكرويد The Murder of Roger Ackroyd".. "بوارو" بيساعد القاتل على الفرار من العدالة عن طريق أنه ينتحر و يندفن معاه سر جريمته.. لأن القاتل كان طبيب الأسرة المحترم اللي جار عليه الزمن و دفعه للجريمة.. و مكانش عايز أخته تعرف إن شقيقها مجرم و تشوفه وراء القضبان...
قصة "مقتل روجر أكرويد" من القصص القليلة اللي مكانش بيرويها "هاستنجز".. اللي حكاها هو القاتل نفسه و اعترف لـ"بوارو" الي ساعده على الإنتحار...
أما في قصة "إسطبلات الملك أوجياس The Augean Stables".. بوارو بيغطي علي فساد كبير للحكومة البريطانية و يكاد يضحي بمصداقيته في سبيل دا.. عشان مايهزش حالة البلاد الإقتصادية...
الغريب إن زي "دويل" ما حصل له مع "هولمز".. "أجاثا" برضه كرهت "بوارو" بجنون..!
يبدو إن دي سمة معينة في النوع دا من الأدب.. لأن "أجاثا كريستي" في قمة نجاحها وصفت "بوارو" مرة في حديث صحفي بأنه "إنسان لزج لا يطاق".. و مرة تانية "شخص أناني بغيض، متكلف، ممل"...
بس أجاثا رفضت تقتل "بوارو" مدة طويلة.. لأن الجمهور كان بيحبه جدا.. خصوصا إن غلاسته و غروره لهم طابع كوميدي.. يخليك تبتسم ولا يمكن تعرف تكرهه.. الحقيقة إن "بوارو" مات فعلا عدة مرات.. بس كلها كانت خدع للإيقاع بأعداء أو خصوم له.. و قرر يتقاعد ميت مرة.. و كل مرة كان بيرجع يشتغل عادي...
زي ما قلنا.. عكس "هولمز" اللي كان بيسلم المجرم للقانون.. "بوارو" كان كتير جدا بينفذ العدالة بإيده.. و دا بيكون السبب في نهايته في قصة "ستار - قضية بوارو الأخيرة Curtain: Poirot's Last Case"...
في القصة دي "بوارو" كان كبر.. و بدأ يعاني من الأمراض زي القلب والتهاب المفاصل (زي أبو أجاثا كريستي نفسه).. وعايش بمنومات و أدوية.. و ماشي أغلب الوقت بكرسي متحرك.. لأن رجليه مبقتش تسمح له يمشي كتير بسبب تصلب الشرايين.. لكن بيضطر يرجع لقصر ستايلز عشان يتتبع قاتل خطير جدا.. مستقر دلوقتي في القصر.. اللي بدأ فيه "بوارو" أول مغامراته.. و بيكون مقدر له إن يكون فيه برضه آخر مغامراته...
في القصة دي بوارو بيقابل مجرم خارق الذكاء سماه "إكس X".. لأن مكانش عارف يحدد شخصيته بسهولة...
مستر "إكس" كان ضيف ضمن مجموعة ضيوف في فندق قصر ستايلز .... و الأستاذ "إكس" دا بيقتل من غير ما يكون له شركاء و من غير ما يمسك سلاح و لا يسمم حد و لا يتحرك من مكانه.. لدرجة إنه في مرة كان علي بعد 200 ميل من مكان جريمته.. بيقتل عن بعد..
إزاي بيعمل كده؟ بإنه يزرع الأفكار في عقول الناس و يتلاعب بيهم نفسياً و يسيبهم يتحولوا لقتلة...
"بوارو" تتبع المجرم اللي كان مسئول عن عدة جرائم قتل ارتبكها ناس.. مش قتلة بطيعتهم.. لدرجة إنهم انتحروا أو سلموا نفسهم للعدالة بعد الجرائم...
"إكس" بيخلي الناس تقتل عن طريق الضغط و التلاعب النفسي بيهم.. مثلا السيدة "لوتريل" المتسلطة زوجة السيد "لوتريل" صاحب القصر بتلومه طول الوقت وتهينه و تشخط فيه أمام الموجودين.. فبيسلتمه "إكس".. و بيقول لأحد الحاضرين همساً عن إنه "يا خسارة إنه جبان خاضع خايف من مراته للدرجة دي".. و بعدين بيحكي قصة مشوقة عن "جندي أخطأ أثناء الحرب و أطلق الرصاص على أخيه"..
"إكس" كان متأكد إن السيد "لوتريل" سمعه.. بس تظاهر بالعكس.. دا بيخلي الفكرة تتبلور في ذهن "لوتريل" و بيمسك بندقية الصيد و يضرب بيها ما أعلن إنه "أرنب بياكل الزرع خلف الشجيرات في الحديقة".. و الحقيقة إنه مكانش أرنب.. كانت زوجته بتعتني بالحديقة و هو كان عارف..
لحسن الحظ مابتموتش الزوجة و الرصاصة بتيجي في كتفها.. و بيفوق "لوتريل" و يدرك فداحة اللي كان حايعمله.. خصوصا إنه فعلا كان بيحب مراته...
" بوارو" بيشير لهاستنجز هنا إن دي كانت حتبقي جريمة تانية بطلها "إكس"...
في النهاية بيقرر "بوارو" إن مفيش محكمة في الوجود حتقتنع إن "إكس" كان بيقتل بإنه "يأثر على الناس عاطفياً".. فقرر ينفذ العدالة بإيده..
بيستدعي "بوارو" إلي غرفته أحد المقيمين في ستايلز.. الشاب الهاديء "نورتون".. و بيحضر كوبايتين من الكاكاو الدافيء.. و بيعزم نورتون علي المشروب.. و بيواجهه بالحقيقة.. إن هو السيد "إكس" و ارتكب كل الجرائم دي بالتأثير نفسيا على ضحاياه..
بيدردشوا و يشربوا الكاكاو.. "بوارو" بيقول لنورتون إنه عرف كل شيء عنه و عن حياته و طفولته و المعاملة السيئة اللي لقاها في البيت و المدرسة.. و حولوه لمجرم مغرم بالانتقام من البشر.. و إنه هو "إكس ×" نفسه...
" نورتون" بيعترف.. بس بيقول لـ"بوارو" إن مفيش محكمة حاتقبل الهبل اللي بيقوله دا.. فبوارو بيقول له إنه عارف دا.. و إنه مش محتاج محاكمة.. هو أصدر عليه حكمه بالإعدام.. وحط له جرعة من المنوم بتاعه في الكاكاو.. جرعة تكفي لقتله...
بس "نورتون" بيضحك في شدة.. و بيقول لبوارو إنه بدل الكوبايتين .. بالتالي "بوارو" هو اللي شرب الكوب المسموم.. فبوارو بيبتسم في سخرية و بيقول له إنه كان عارف إنه حيبدل الأكواب.. و بالتالي سمم الكوبايتين معاً...!
بينزلق "نورتون" إلي غيبوبة مش حيقوم منها أبدا.. بينما "بوارو" بالرغم من انه برضه شرب كاكاو مسموم.. كان عنده شوية وقت لأنه بيتعاطي المنوم دا يوميا و بالتالي جسمه متعود عليه.. بيحط نورتون علي كرسيه المتحرك و بيرجعه لغرفته.. و بيضربه بالرصاص في رأسه و يحط المسدس في إيده.. و يرجع تاني إلي فراشه في هدوء..
قلب بوارو مع جرعة المنوم و المجهود بينهك في شدة.. محتاج الدوا بتاعه اللي ممكن ينقذ حياته في اللحظة دي.. بس "بوارو".. يمكن بسبب ضميره المثقل عبر حياته الحافلة.. كان اتخلص من الدواء بتاعه.. و قرر يموت في هدوء...
الصبح بيلاقو "بوارو" ميت ميتة طبيعية بأزمة قلبية.. و كمان بيلاقو نورتون ميت و سلاح الجريمة في يده.. و بيعلنوا إنه انتحر لسبب خفي...
بس "هاستنجز" بيعرف الحقيقة لما بيوصله خطاب من "بوارو" كتبه و شرح فيه اللي حصل قبل وفاته.. و بيختتمه "ليغفر الله لي.. أول مغامرة قمنا بها كانت هنا يا صديقي.. و آخر مغامرة كذلك.. كانت أياماً جميلة..."
بنتتهي حياة "بوارو" بحبه المرضي للنظام و غروره المضحك و شنبه الغريب.. و تاريخه الحافل، و أساليبه في حل الجريمة.. اللي بتختلف بالتأكيد عن "الآنسة ماربل Miss Marple".. اللي تقدر تحل لك أي لغز لأي جريمة و هي قاعدة في مكانها.. بدون ما تعاين أدلة و لا تشوف مسرح جريمة.. بطريقة فريدة جدا..
"مس ماربل" من ابتكار "أجاثا كريستي" برضه..
بس بما إن قصة "مس ماربل" طويلة شوية.. فدا يخلينا نأجل كلامنا عنها و يبقي للحديث بقية...
مراجع
2 - Willis, Chris (16 July 2001). "Agatha Christie (1890–1976)". The Literary Encyclopedia.
3 - Cassatis, John (1979). The Diaries of A. Christie. London. " أجاثا مذكرات كريستي"
4 - Hobbs, James. "Agatha's Disappearance". Hercule Poirot Central.
5 - Morgan, Janet. Agatha Christie, A Biography (p. 291) Collins, 1984.
6 - Cade, Jared (1997), Agatha Christie and the Missing Eleven Days, Peter Owen, ISBN 978-0-7206-1280-6
7 - http://news.bbc.co.uk/local/devon/hi/people_and_places/arts_and_culture/newsid_9131000/9131482.stm كيف بدأت "اجاثا" تكره "بوارو"
8 - http://agatha-christie-cms-production.s3.amazonaws.com/archive/pdfs/poirot-reading-list.pdf
9 - Riley, Dick; McAllister, Pam; Symons, Julian (2001), The Bedside, Bathtub & Armchair Companion to Agatha Christie, Continuum, p. 240
10 - Patricia D. Maida, Nicholas B. Spornick, Murder she wrote: a study of Agatha Christie's detective fiction, Popular Press, 1982, p.154.
11 - Barnard, Robert (1990). A Talent to Deceive – an appreciation of Agatha Christie (Revised ed.). Fontana Books. p. 188.
12 - وثائقي: أجاثا كريستي - https://www.youtube.com/watch?v=FJp15YlYGHo
الآنسة ماربل
تعديلمن مميزات أجاثا كريستي إنها كانت متجددة متنوعة في أدبها، يعني الأمر ماقتصرش علي "بوارو".. كشخصية وحيدة.. زي "دويل" و "هولمز".. ماقتصرش الأمر حتى علي أدب الجريمة.. لأ.. كتبت ست قصص رومانسية باسم مستعار.. هو "ماري ويستماكوت Mary Westmacott"...
كانت - بحكم عملها في المستشفي في لندن إبان الحرب - بتكتب علم حقيقي في الإصابات و في السموم بالذات.. و كانت بتستشير الخبراء.. لدرجة إن الصيدلي النابه بالمستشفي.. السيد " هارولد دايفز Harold Davis" هو اللي اقترح عليها تستخدم التسمم بـ"الثاليوم Thallium" في قصة "الجواد الشاحب The Pale Horse" .. و كان وصفها لأعراض التسمم دقيقة للغاية.. من فقدان شعر و غيره...
يبدو إن كل اللي بتلمسه أجاثا أو تقترب منه كان بيتحول لذهب.. لأن "هارولد" فيما بعد بيبقي كبير الصيادلة بوزارة الصحة بالمملكة المتحدة.. زوجها الجديد عالم الآثار - بسبب شهرتها - بتهتم الحكومة بأعماله و بمتنحه المملكة رتبة "فارس Knight".. صديقتها "دوروثي سايرز Dorothy L. Sayers" بتتحول لكاتبة شهيرة.. و محرر صغير في التليجراف بيتحول لصحفي شهير مرموق لأنه عمل معاها لقاء صحفي...
كان في مضايقات في مسيرتها لكن بسيطة.. مرة مثلا استدعتها "المخابرات البريطانية the British intelligence agency MI5" و حققت معاها تحقيق مطول.. بعدما ظهرت في قصتها "إن أو إم؟ - ?N or M" شخصية جديدة...
شخصية اسمها "ميجور بليشلي Major Bletchley".. و كانت بريطانيا عندها منشأة سرية استخبارية لاعتراض و فك الشفرة اسمها "بليشلي بارك Bletchley Park".. اللي كتبته "أجاثا" عن الميجور جعل المخابرات البريطانية تعتقد إن لها جاسوس في "بليشلي بارك".. لكن طلعت بريئة و و أحداث و شخصيات القصة مجرد صدفة...
من الشخصيات اللي ابتكرتها "أجاثا".. كانت "الآنسة ماربل Miss Marple"...
"الآنسة ماربل" العانس اللطيفة اللي لابسة طاقية في الصورة جنب "أجاثا كريستي".. بالمناسبة "عانس" مش شتيمة زي ما بينتشر على السوشيال ميديا و مش بتتقال على المرأة بس..
كلمة "عانس Spinster" بتتقال على الرجل و الست سواء.. يعني شخص تجاوز سن الزواج المعتاد المتعارف عليه في محيطه.. بس بشكل ما بقينا مصرين نلحقها بالمرأة بس...
المهم إن "الآنسة ماربل" مكانتش باللطف دا طول عمرها.. كانت ست حشرية فضولية جدا.. و عجوز متشككة مزعجة و بترغي كتير و غاوية شائعات و قيل و قال.. بتكره الناس و متوقعة دايما منهم الشر.. بس قصة ورا قصة.. الشخصية اتغيرت و بقت هادئة لطيفة بيحبها كل جيرانها في قريتها "ساينت ماري ميد St. Mary Mead"
"مس ماربل" كانت بدايتها بسبب قصة "مقتل روجر أكرويد The Murder of Roger Ackroyd" .. لما "مايكل نورتون" عمل للقصة "تهيئة adaptation" للمسرح.. و كان فيها شخصية لعانس عجوز اسمها "كارولين شيبرد Caroline Sheppard".. بس "نورتون" حذفها باعتبار "العواجيز راحت عليهم و مبيثيروش اهتمام حد"... و حط بدالها بنت صغيرة..
الموقف دا غاظ "أجاثا كريستي" جدا.. و قررت تعمل شخصية تمنح بيها كبار السن فرصتهم و تثبت انهم قادرين على العطاء.. فبدأت ترسم خيوط شخصية "الآنسة ماربل".. و انتقمت "أجاثا" من "نورتون" بأنها خلته القاتل المجنون في قصتها "ستار Curtain".. و قتلته...!
"الآنسة ماربل" مزيج من عدة شخصيات.. بس في حقيقتها.. هي قريبة جدا من عمة أجاثا كريستي الحقيقية.. مس " مارجريت ويست Margaret West"...
"الأنسة ماربل".. ذكائها حاد للغاية.. و لها ذاكرة حديدة مش موجودة عند بشري في التاريخ.. خبيثة شوية و بتتظاهر بالغباء دايما و دا بيدفع الناس إنها تقدرها أقل من قدرها.. و تثق فيها...
"الآنسة ماربل" كمان لها قلب كبير طيب بس فولاذي.. يعني ممكن تشوف جثة مذبوحة من غير ما يطرف لها جفن.. "ماربل" بتزور مسرح الجريمة أحيانا.. قليل مش كتير.. و سكوتلانديارد بتستعين بيها بشكل غير رسمي لذكائها الخارق..
الممنوع إنها تعمله زي دخول مكان معين متعلق بجريمة.. أو اللي يستعصى عليها.. كانت بتستعين عليه بصديقها الشرطي المتقاعد "سير هنري Sir Henry Clithering"....
"الآنسة ماربل" بتحل الجرائم بأسلوب مبتكر للغاية.. بتسمع و تلاحظ.. و تستمع للمحققين و هي علي مقعدها الوثير بتغزل التريكو أو تشرب الشاي.. لحد ما تسمع كلمة أو تشوف حركة معينة أو تفتكر موقف معين.. هو مفتاح اللغز.. و بعدين تقول لهم في هدوء:
- "لقد حدثت جريمة كهذه ذات مرة في ساينت ماري ميد"...
عموما قصص "ماربل" بتفترض إن أي جريمة في الكون.. حصل زيها في "ساينت ماري ميد".. القرية الخيالية اللي ابتكرتها "أجاثا" و عايشة فيها "الآنسة ماربل"...
بتقول "الآنسة ماربل" جملتها دي و تبدأ تسرد القصة.. من غير أسماء.. بس بصفات "ابن العم".. "الأخت".. "الخادم".. و تربط الجريمتين و بعدين تتوصل للمجرم الحقيقي..
"أجاثا" هنا خلت "ماربل" معتمدة علي ذاكرتها في تذكر الجرائم الشبيهة.. و على اللي شافته خلال حياتها في "ساينت ماري ميد" من الجانب المظلم للنفس البشرية..
أي جريمة في الوجود حصل جريمة موازية ليها في "ساينت ماري ميد".. يعني لو قلت لماربل إن في واحد في "السنبلاوين" لقوه غرقان في الترعة.. حاتقولك "لقد حدثت جريمة كهذه ذات مرة في ساينت ميري ميد"...
دا كان ممكن يحول القصص اللي فيها "مس ماربل" لقصص مملة جدا.. لولا إن ربطها للأحداث و تتبعها للمواقف و امساكها بالعنصر المشترك بين الجريمتين.. كان دايما بيبقي في قالب مشوق للغاية.. بالتالي عمرك ما تزهق من "الآنسة ماربل"...
"للآنسة ماربل" جملة أخرى شهيرة بتكررها أكتر من مرة.. و يبدو إنها برضه موجهة من "أجاثا كريستي" إلي "نورتون":
- "الشباب يظنون أن العجائز حمقى، لكن العجائز يعرفون يقيناً أن الشباب حمقى"...
"مس ماربل" كان عمرها 74 سنة.. حسب ما بنفهم من سياق القصص، ففي قصة "فندق بريترام Bertram's Hotel" بتقول إنها مجتش المكان دا من 60 سنة.. لما كانت بنت عمرها 14 سنة.. عمر أبطال قصص أجاثا كريستي كان عامل لها مشكلة دايما.. لأنها كانت بتتمنى أحيانا لو انهم أصغر بخمس أو ست سنين.. عشان يقدروا يتحركوا بشكل أيسر.. و أعلنت مرة إنها ندمت عشان مخلتش "بوارو" يبدأ في الظهور و هو أصغر من كده...
حظ "الآنسة ماربل" مكانش حلو مع السينما و التليفزيون.. الأعمال اللي اتعملت كانت بسيطة و قليلة.... بينما بوارو خد منها نصيب الأسد...
القصة الأخيرة للـ "الآنسة ماربل" كتبتها أجاثا كريستي و حفظتها مع وصية في قبو بنك في لندن، علي أن تنشر بعد وفاتها.. و اسمها "الجريمة النائمة Sleeping Murder"..
المرة دي مش حنحكي "الجريمة النائمة".. عشان نتشجع وندور عليها و نقراها.. بس القصة بتتعلق بـ"جويندا Gwenda".. إللي بتنتقل لبيت قديم اول مرة تروحه بيطل على البحر.. و بتبدأ تهيئه لمعيشتها.. و بدأت تعمل في البيت مع العمال وفي مخيلتها الدهان و الإصلاحات و نقش لـ"ورق حائط" معين بتتمنى تركبه..
و أثناء العمل.. العمال بيفتحوا باب مغلق منسي للمرة الأولى.. و مذهولة.. بتشوف "جويندا" فيه نفس ورق الحائط اللي كانت بتتخيله بالضبط...
بيسوء الأمر لما "جويندا" بتهاجمها رؤى مش مفهومة و ذكريات مروعة.. و بدأت تشوف لمحات من ماضي غريب.. ممتزج برعب غامض، كل ما تحاول تنزل للطابق الأرضي من البيت...
حياة "جويندا" بتتحول لجحيم من الرعب والفزع و الأرق.. و بتستعين "بالآنسة ماربل".. و بتطلب منها المساعدة.. و بتحكي لها كل مخاوفها.. بما فيها رؤى عن لغز جريمة قتل رهيبة حدثت في الماضي البعيد...
بنتنتهي مسيرة الآنسة ماربل بـ"الجريمة النائمة".. و بتنتهي قصص "أجاثا كريستي" نفسها.. بعدما قدمت لنا عشرات المغامرات لـ"بوارو" و "مس ماربل" و شخصيات أخرى زي "السيد هارلي كوين Mr. Harley Quin".. أكثر محققيها ضبابية وغموض و اللي محدش يعرف عنه كتير سوى إنه بيحل الجرائم بالغريزة و "الحدس".. و ظهر في مجموعة "السيد كوين الغامض The Mysterious Mr Quin".. و "أدريان أوليفر Ariadne Oliver" و "باركر بين Parker Pyne" و غيرهم.. و إن كانوا ماحصلوش علي شهرة زي "بوارو" أو اللطيفة الطيبة "الآنسة ماربل"...
و في 12 يناير من العام 1976.. بتموت "أجاثا كريستي" في هدوء في بيتها في "وينتربروك Winterbrook".. و بيتختم بيتها بالشمع الأزرق بأمر من حكومة بريطانيا.. باعتباره من التراث الإنجليزي، لا يجوز هدمه أو تشويهه.. و بتظل تحمل لحد يومنا دا لقب أطلقه عليها محبيها حول العالم..
لقب "ملكة الجريمة".. أو "ملكة أدب الجريمة The queen of crime"....
طبعاً بعدما عرفنا كل دا عن "أوجوست ديووبا " و"هولمز" و "بوارو" و "ماربل".. ماينفعش ما نعديش على المخبر الأشهر.. الظريف المهمل الغير مهندم منكوش الشعر.. اللي لو شفته تحسبه متسول بلا مأوى.. بمعطفه الشهير اللي ناقص زرار ومشافش المكواه في حياته و سيجاره المشتعل وعربيته المعفنة...
"كولومبو".. اللي الحديث عنه يطول.. و يبقى إن شاء الله لحديثنا بقية...
المراجع
1 - Thallium poisoning in fact and fiction - http://www.pharmaceutical-journal.com/opinion/column/thallium-poisoning-in-fact-and-in-fiction-/-vexed-question-of-the-geographical-origins-of-the-meat-filled-pasty-/-how-illegal-ch/10002699.article
2 - Richard Norton-Taylor (4 February 2013). "Agatha Christie was investigated by MI5 over Bletchley Park mystery" - https://www.theguardian.com/books/2013/feb/04/agatha-christie-mi5-bletchley
3 - Engelhardt, Sandra (2003), The Investigators of Crime in Literature...
4 - Curran, John (2011). Agatha Christie: Murder in the Making. New York: Harper. p. 140.
5 - Christie, Agatha (2001). An Autobiography. HarperCollins...
6 - At Bertram's Hotel - page 138 & 141...
7 - http://agathachristie.wikia.com/wiki/Sleeping_Murder
كولومبو
تعديلعلي النقيض من السيد الراقي "شيرلوك هولمز" و الجنتلمان "بوارو".. و الآنسة الرقيقة "مس ماربل".. بيقعد الكاتب و المخرج "ويليام لينك William Link " إلي مكتبه سنة 1968، و يرسم الخطوط الأولى لشخصية "كولومبو Columbo"...
ملازم الشرطة الغير مهندم.. بمعطفه الكاكي، و ربطة عنقه اللي مش مربوطة كويس.. و ذيل الكرافت اللي ورا أطول من طرفها الأمامي.. و ياقة القميص كل واحدة مخاصمة التانية.. و السيجار في إيده...
بتشوف "كولومبو" و هو بينزل من عربيته الخربة.. اللي لوحتها المعدنية متدلية بمسمار واحد.. و بتمشي بصعوبة.. بس فيها راديو بيستقبل "موجات الشرطة police scanner".. و بتقول إن دا لا يمكن يكون له أي علاقة بالبحث الجنائي.. خصوصا لما تشوف كلبه الكسول "فانج Fang".. اللي هو مابيعملش اي حاجة من اللي بتعملها كلاب المخبرين و الشرطة.. و لا بيتتبع مجرمين و لا له اي فايدة فعلياً غير إنه رفيق "كولومبو"...
"كولومبو" مع ذلك مع هيئته "الملخفنة" دي.. بيمتلك ذكاء حاد للغاية.. و قال للمجرم مرة في قصة "قضية وداع الجريمة ذات الذكاء الخارق" :
"طيلة عمري كنت أتعثر في الأذكياء.. ليس الاذكياء الذين يشبهونك.. لا.. أنت تعرف ما أعنيه.. في المدرسة.. في الحياة.. كان الجميع اذكى مني.. لكنني فهمت إنني بالقراءة و العمل الجاد.. أستطيع ان أتفوق..."..
"كولومبو" عنده ذاكرة فولاذية.. مبتخليهوش ينسى أي تفاصيل. بالإضافة إلي إنه بالرغم من هيئته - و على عكس كلبه - شديد النشاط.. فائق الحيوية.. طول الوقت بيتحرك و يلف و يزور أماكن و يتردد على مسرح الجريمة.. و ممكن تشوفه في آخر مكان ممكن تتوقعه في آخر وقت ممكن تتوقعه...
"كولومبو" بيعتمد في حل لغز الجرائم بالإضافة لصفاته اللي قلناها.. إلي إنه بيربك المشتبه فيه و يشتت انتباهه و يوتره.. بالتالي بيخليه يغلط..
يعني ممكن "كولومبو" يكون بيكلمك كمشتبه فيه.. و يسالك سؤال.. و فجأة قبلما تجاوب يسيبك بلا سابق انذار و يدخل الحمام..! صحيح حيطلع من الحمام بطلونه و البالطو غرقانين مياه.. و يمكن يكون ناسي البنطلون نفسه مفتوح.. بس دي من طرقه اللي بيستعملها في إرباك خصومه...
"كولومبو" بيربك المشتبه فيه بطريقة أخرى.. دايما بعد ما يظهرلك إنه اقتنع بكلامك و بالكلام اللي بتألفه.. و يقوم يمشي و انت تتنفس الصعداء في ارتياح.. تلاقيه رجع نط لك فجأة و بيقولك جملته الشهيرة و هو بيهرش جبهته: "معلش.. في حاجة كمان just one more thing".. و يرميلك كلمة أو جملة تبين إن كلامك متناقض.. و يبتسم لك ابتسامة مستفزة.. و يسيبك متوتر.. و يمشي...
"كولومبو" مهذب للغاية.. و عنده موهبة إنه يحسس المجرم أجيانا إنه فلت بجريمته و إنه مش بيشك فيه.. فدا يدفعه للخطأ و السقوط...
"كولومبو" محدش كان يعرف اسمه بالكامل.. لكن في قضية "الحمولة الساكنة Dead Weight".. نقدر نوقف لقطة في الحلقة و "كولمبو" بيبرز هويته في الميناء.. و بنلاقي مكتوب فيها "الملازم/ فرانك كولومبو Frank Columbo" - شرطة لوس أنجيليس...
"كولومبو" كشرطي.. زمايله و مديريه عارفين قدراته كويس.. بينما مكتب المدعي العام أول مرة شافوه ماقتنعش بيه لما حول له رئيسه أول قضية له.. وفضل مكتب المدعى العام يضغط على الشرطة عشان تغيره...
فيما بعد.. بقى لما تيجي قضية مخيفة أو صعبة للغاية أو معقدة.. مكتب المدعي العام بيضغط بعنف علي الشرطة عشان تحولها إلي "كولومبو"...!
بيستعين "كولومبو" بخبراته الهائلة اللي اخدها من الجيش.. لأنه حارب مع الجيش الأمريكي في الحرب الكورية.. قبلما ينهي خدمته و ينضم لجهاز الشرطة و يستلمه "الرقيب جيلولي Gilhooley" ,و بيكون له بمثابة معلم و أب.. و بيعمله كتير جدا جدا عن شغل الشرطة و عن طرق الإيقاع بالمجرمين.. عشان كده دايما "كولومبو" مش ناسي الجميل و دايما يذكر الرقيب دا في قصصه...
علي كل حال "كولومبو" بيعشق عمله كشرطي في قسم "جرائم القتل homicide department".. مرة في خصم قاتل ذو نفوذ.. حاول يستبعد "كولومبو" من الإدارة بنفوذه و اتصالاته في "قضية Prescription Murder" بس بيكتشف إنه بيفضل خايف من "كولومبو" اللي بيفضل يطارده في إصرار.. لحد ما بيوقع بيه في النهاية...
عكس قصص "شيرلوك هولمز" و "بوارو" و "مس ماربل".. اللي بتفضل الجريمة فيهم لغز صعب و خفي علي القاريء لحد ما يحلها المحقق.. قصص كولومبو من نوع "قصص المحققين المعكوسة Inverted detective story" المعروفة باسم "كيف قبض عليهم howcatchem".. في أول القصة انت بتشوف الجريمة والمجرم و تعرف القاتل و تعرف أنه ارتكب جريمته .. و إزاي بيخفي الأدلة بمهارة.. و بعدين تتفرج على "كولومبو" و هو بيجمع تفاصيل بسيطة و يحاصر المجرم و يوقع به بعبقرية..
أحيانا مابتعرفش القاتل ارتكب جريمته إزاي.. زي في قضية "حالة ذهنية قاتلة A deadly state of mind".. اللي بتشوف فيه الضحية بتلقى بنفسها بإرادتها بدون تهديد و لا عنف و لا اي سبب.. من الطابق الخامس و تنزل جثة هامدة.. لكن كولومبو بيتوصل لأن القاتل خدرها و سلبها الإرادة بمخدر الـ"باربيورات Barbiturate" و اقنعها إنها بتقفز في حوض سباحة..
في قصة رائعة هي "صديق بالفعل A friend indeed" مفوض من مفوضي الحكومة الأمريكي بيقتل زوجته.. بإنه بيغرقها في حوض سباحة.. و بيخفي مجوهراتها و بيتهم أحد عماله.. شخص بريء.. بقتلها....
"كولومبو" بيحاول يثبت الجريمة على مفوض الدولة "رجل الأدلة و القانون البارع".. بس مابيعرفش.. لحد ما بيتقبض علي البريء.. و بياخدوه مع رجال الشرطة و "كولومبو" إلي منزل الرجل المدون عنوانه في بياناته في الشرطة.. و أثناء التفتيش.. المفوض" بيطلع من جيبه منديل فيه قطع من مجوهرات زوجته و بيحشره تحت مرتبة سرير الرجل.. بدون ما حد يشوفه...
"كولومبو" بيصارح المفوض إنه بيعتقد إن هو القاتل و هو اللي قتل زوجته.. و "المفوض" بيقول له إنه كده خسر شارته و انتهى مستقبله كشرطي.. أثناء النقاش و أمام الجميع.. بيجي أحد رجال الشرطة بمنديل المجوهرات.. و بيقول إنه لقاه تحت المرتبة.. و بيقهقه المفوض ساخرا من "كولومبو" و بيقول له.. إن دا دليل لا يضحد على إن المتهم هو القاتل.. و بيعلن "المفوض" أمام الجميع.. إنه كان مراقب البيت دا من شهور و شاف المتهم متوتر مرتبك بعد الجريمة و هو راجع و وهو مروح كل يوم عدة مرات و راقبه و هو بيبيع قطع من الجواهر نازل بيها من بيته..
لكن "كولومبو" بيتهمه بإنه زرع المجوهرات دي دلوقتي حالاً.. و لما بيثور المفتش.. "كولومبو" بيعلن له في هدوء.. إن دا "بيته"...!
الداهية "كولومبو" بدّل عناوين المنازل على الملفات في إدارة البحث الجنائي.. و بالتالي المنزل اللي هم واقفين فيه حالا كان منزل "كولومبو" نفسه..!! و بالتالي كل كلام المفوض عن مراقبة البيت من شهور.. و المجوهرات تحت المرتبة.. مالوش اي معنى إلا أن يكون هو القاتل و بيحاول الإيقاع ببريء...
أما في قضية "كيف ترتكب جريمة هاتفية How to dial a murder".. فالطبيب النفسي الوقور "فيليب ميسون Dr. Eric Mason" ..كان عايش وحيد بعد مقتل زوجته في حادث سيارة غامض.. وكان بيمتلك كلبين دوبرمان شرسين.. بينقضوا في يوم على صديق عمره "د. تشارلز هنتر Dr. Charles Hunter" اللي كان متعود يزوره و يقيم معاه في المنزل بعد وفاة زوحته.. و بلا سابق إنذار بيهاجموه في مطبخ البيت بلا مبرر و بيمزقوه إربا حتى الموت...
بيتقبض علي الكلبين و بيتم اتخاذ اجراءات لإعدامهم بمعرفة جهاز الشرطة.. بس "كولومبو" بيرفض.. و بيحتفظ بالكلاب لفترة و بيقول إنه "اعاد تدريبها" و بيرجعها لصاحبها..
كولومبو متأكد إن د. إريك هو القاتل.. و بيزوره في يوم.. و يلعب معاه بلياردو في منزله و بيتهمه بإنه قتل زوجته و صديق عمره لأنه اكتشف خيانتهم له مع بعض.. و إنه برمج الكلاب على إنه لما تسمع كلمة بريئة معينة تتحول لآلات قتل.. و بالطريقة دي قتل صديقه اللي سمع رسالته على الأنسر ماشين في المطبخ و الكلبين بجواره.. و استقبلوا الأمر و.. و مزقوه...
"كولومبو" بيصارح القاتل إنه مش محقق ذكي.. بالعكس.. هو اللي كان قاتل حمار و ساب وراه ثغرات كتير.. فالقاتل بيقول له إنه يستحق إنه يعرف الكلمة اللي بتخلي الكلاب تتحول لآلات قتل.. و هي "برعم الوردة Rosebud" و بيقولها و هو بيشاور للكلبين علي كولومبو..
و دا يعني إنه الكلاب حاتنقض علي "كولومبو" و تمزقه حتى الموت..
بالفعل الكلاب بتقوم من جنب المدفأة بسرعة مدهشة و ينقضوا علي "كولومبو" و يسقطوه ارضا.. و يندفعوا نحو وجهه و عنقه.. و بعدين يبدأوا في لعق وجهه و غمره بالقبلات امام د. "ميسن" المذهول.. و "كولومبو" بيعلن للقاتل إنه شغل شريط الأنسر ماشين كلمة كلمة على مسامع الكلبين في حجز الشرطة.. و عرف الكلمة السحرية من بدري.. و أعاد تدريبهم.. بحيث لما يسمعوها.. يغمروا الضحية بالقبلات....!..
أجمل من جسد شخصية "فرانك كولومبو" كان "بيتر فولك Peter Falk" اللي في الصور دا.. اتوفي في 23 يونيو 2011...
بما إن "ويليام لينك" أساساً مخرج.. فالشخصية مبتظهرش في كتاب.. لا.. بيتلقفها التليفزيون الأمريكي على طول في مسلسل بنفس الاسم.. قبل ما تنزل في كتب.. آخر حلقة منه كانت "القسط الأخير The last installment" في 2003.. "كولومبو" مماتش في الحلقة الأخيرة.. بس توقف الكتّاب عنه.. و انصرفت شركة يونيفرسال عن انتاج حلقاته...
في تمثال في ميدان لحد النهاردة لـ"فرانك كولومبو" زي ما جسده "بيتر فولك" و كلبه اللطيف الكسول "فانج" في "بودابست Budapest" بالمجر...
الكلام عن كولومبو ممكن يستغرق أسابيع.. بس أعتقد إنه آن الأوان إننا نتكلم عن المحققة الذكية "مدام فلتشر Jessica Beatrice Fletcher".. و يكون للحديث بقية...
مراجع
1 - http://www.columbo-site.freeuk.com/books.htm
مسز فليتشر
تعديل"مسز فليتشر Jessica Beatrice Fletcher" في حقيقتها مزيج من عدة محققين خياليين.. فهي "مس ماربل".. بس امريكية.. و نشطة متحركة كثيرة الاسفار زي "بوارو".. منطقية زي "هولمز".. و حياتها طبيعية زي الفرنسي "ميجريه Commissaire Jules Maigret" اللي في الصورة مع الغليون...
"ميجريه" بيتربع على القمة من حيث أعداد القصص اللي ظهر فيها مقارنة بأي محقق أو مخبر على الإطلاق، حوالي 76 قصة و 28 قصة قصيرة.. "ميجريه" حل ألغاز جرايمهم كلهم.. "ميجريه" مكانش له صفات خاصة و من أكثر المحققين واقعية في عالم الأدب..
المفتش "ميجريه" كان رجل شرطة فرنسي عادي.. مجتهد و بيشتغل مع فريقه.. نجاحه بيعتمد على البحث الدؤوب و الشغل الروتيني المعتاد لرجل الشرطة و روح الفريق.. بدون ذكاء شخصي خارق..
"جيسيكا فلتشر".. اللي ظهرت في سلسلة "جريمة قتل كتبتها Murder, She Wrote" إختلفت عن "ميجريه" في إنها كانت مدرسة لغة إنجليزية و عضوة كونجرس و كاتبة ثرية.. و لها علاقات و دا فتح لها آفاق لمغامرات لم تتح لـ"ميجريه"...
بتسافر كتير جدا و تتفسح و ثروتها بتذلل لها العقبات.. و كانت بتحل جرائم في أسفارها.. بالإضافة إلي إنها لها أخ "مشير Marshall" مرة واحدة.. و أخ تاني طبيب شرعي.. فكان الأول بيذلل لها العقبات اللي تقف في طريقها إجرائيا.. و يدفع رجال البحث الجنائي يستعينوا بيها.. و الثاني بيمدها بما خفى عليها من علوم الطب الشرعي...
"فليتشر" عايشة في مدينة خيالية زي "مس ماربل".. "اسمها Cabot Cove".. و الحمدلله كل جيرانها الغلسين اللزجين بيتقتلوا.. و هي بتحقق في الجرايم دي...
أسفارها الكتير بتخلي مغامراتها تتمدد.. لدرجة إنها في قصة بتلتقي بمحقق آخر لمؤلف آخر.. المحقق "توماس ماجنوم Thomas Magnum"..
و "ماجنوم" كان ضابط بحري.. بعدما ترك البحرية.. قرر يبقي محقق خاص . و محدش اتصل بيه و لا جاله شغل.. فلقى نفسه مفلس تقريبا.. و كان ممكن ينتهي به الأمر كمتسول.. خصوصا إنه عابث سكير من أرباب الحياة الماجنة.. لولا صداقته بالفنان الأديب "روبين ماسترز Robin Masters".. اللي بيديله وظيفة عنده في هاواي.. بمرتب معقول.. و يسمح له يستخدم بيته الفاضي علي الشاطيء و يقود سيارته الفيراري الحمراء.. و بدأت الأوساط الراقية تنتبه له كمخبر سري حقيقي.. مفيش اي شخصية لأي محقق عاشت حياة رفاهية و هلس زي اللي عاشها "ماجنوم"...
قصص "ماجنوم" بتميل أكثر للأكشن و الحركة.. عن التفكير المنطقي الذكي زي "هولمز" و "بوارو" و "ماربل" و "فلتشر"...
"ماجنوم" كان له صديق هو الملازم "يوشي تاناكا Lt. Yoshi Tanaka".. شخصية ثانوية مساندة.. الشخصية دي كانت كارثة و حلت على دماغ "ماجنوم".. لأن كان فيها كتير جدا من "كولومبو".. بمعطفه و خفه ظله و طريقته.. و بالتالي شدت انتباه الناس أكتر من "ماجنوم" نفسه..
دا دفع المؤلف إنه يكتب قصة مخصوص من قصص "ماجنوم".. بيستفرد فيها قاتل بالملازم "يوشي".. و يقتله...
"فلتشر" بتعتمد علي ذكائها و علي الإيحاء للقاتل إنه انتصر و إن الخطوات اللي هي بتتخذها بغباء مصطنع.. في صالح اخفاء جريمته و دا أحيان كتير بيخلي القاتل يساعدها...
بحكم تأثر الشخصية بعالم "أجاثا كريستي".. فهي بتتعرض كتير للسموم في أعمالها.. زي قصة "ليلة العنكبوت Night of the Tarantula".. اللي القاتل بيحاول يقنع فيه الجميع إن القتل بيتم عن طريق السحر الاسود و "دمى الفودو Voodoo dolls"...
"فلتشر" كانت سبب من أسباب شهرة "أنجيلا لانسبري Angela Lansbury" اللي في الصورة دي.. اشهر من جسدت الدور..
تقدر تدور على حلقات "فلتشر" علي يوتيوب بكلمة بحث "Murder, she wrote".. "أمريكا أونلاين AOL".. اختارت مسز "فلتشر" في 2011 كواحدة من "أكثر الشخصيات النسائية التليفزيونية شهرة 100 Most Memorable Female TV Characters"..
المرة الجاية بقي نتكلم عن الطبيب العجوز الوحيد.. النحيل العصبي الذي يدخن بشراهة.. و يبحث في الألغاز والجرائم و الأحداث الغامضة المرتبطة بالباراسيكولوجي و ما وراء الطبيعة.. "د. ميسر علي Misir Ali"...
د. "ميسر علي" شخصية من الأدب البنغالي.. و مش معروف مطلقا لقاريء العربية.. و انا مابعتبروش محقق اصلا.. بس "رابطة الأدباء الأمريكية The American Literature Association" اعتبرته كذلك.. فمفيش مانع نفسح له مجال وسط آخرين.. و يكون لنا لقاء معاه فيما بعد.. و يبقى للحديث ختام...
روايات
تعديلرجل بلا وطن
تعديلالقصة كتبها "إدوار هيل Edward Everett Hale" و اسمها "رجل بلا وطن The Man Without a Country".. و بتحكي عن ملازم البحرية الشاب "فيليب نولان lieutenant Philip Nolan".. اللي بيخدم على واحدة من مراكب الاسطول سنة 1807...
"نولان" بيعقد صداقة مع رجل سياسة اسمه "آرون بار Aaron Burr".. و هذا الأخير شخصية حقيقية و كان سياسي بارز ووصل لأنه يبقي نائب الرئيس الأمريكي من 1801 لحد سنة 1805.. و كل ما حول الشخصية دي من أحداث في القصة حقيقية تماما.. و دا يخليك في حيرة و أنت بتحدد النقطة اللي بيبدأ عندها الخيال و ينتهي..
المهم إن "آرون" بيتقبض عليه و يتقدم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى.. لأن الأخ "آرون" كان بيقود حركة من المزارعين و السياسيين و ضباط الجيش، بتهدف للإنفصال عن الولايات و تكوّن دولة مستقلة في المنتصف..
و لأن ضابط البحرية الشاب "نولان" كان من الأصقاء المقربين لـ"آرون".. تم القبض عليه و تقديمه للمحاكمة باعتباره شريك...
اثناء المحاكمة؛ القاضي العجوز بيتصدم.. لما "نولان" بيعلن له بمرارة و غيظ.. إنه بيكره بلاده، و بيتمنى إنه لا يكون لها أي وجود.. و بيختتم مرافعته بأنه بيتمنى أنه مايسمعش عن البلد دي شيء آخر أبدا بقية حياته...
يبدو إن نصيحة الأجداد لنا "إحترس مما تتمناه Careful What You Wish For" لها معنى برغم كل شيء.. لأن القاضي بيقرر يحقق لـ"نولان" أمنيته.. و بيصدر حكم فريد في حقه مأصدرهوش قاضي من قبل و لم يصدره قاضي من بعد في التاريخ...
اتحكم على "نولان" بالنفي.. بس مش لدولة تانية.. لا.. اتحكم عليه بالنفي على سفن الاسطول الأمريكي في عرض البحر.. بدون أي أحقية في إنه يرسو في ميناء.. و بدون أي أحقية في إنه يضع قدمه علي أرض الوطن.. و لا يحق لأي شخص من المحيطين به إنه يذكر له اسم البلاد ابدا أو أي اخبار عنها مدى الحياة...
"نولان" بيستقبل الحكم باستخفاف.. طبقا للقانون فهو حيتم معاملته على المراكب دي طبقا لرتبته العسكرية السابقة، ملازم.. يعني حيتعامل باحترام و يكون مبسوط.. بس بدون أعباء و لا شغل.. و مش حيسمع سيرة وطنه أبدا و يرتاح منه.. زي ما اتمنى بالضبط...
بتمر السنين و "نولان" منفي عل المراكب بياكل أحسن أكل و يتعامل أحسن معاملة و حتى الشراب.. له حصة فيه.. حتي هواياته بيمارسها .. كل دا من غير ما يشتغل و لا يعمل أي شيء...
المركب اللي بيبقي مقرر لها إن مسارها يقودها للوطن الأم، كانت بتسلمه لمركب تانية في عرض البحر مع خطاب القاضي بحكم المحكمة.. و ترجع للوطن من غيره...
كل البحارة، بالرغم من انهم بيعاملوه باحترام كملازم سابق.. إلا إن محدش منهم جاب سيرة الوطن قدامه خالص.. و لما كانوا يبقوا بيتكلموا عن الوطن و يظهر "نولان".. يقطعوا حديثهم و يسكتوا..
حتى الجرايد اللي كانت بتوصله كانت بتخضع لرقابة صارمة وكانوا بيمحوا منها يدوياً كلمة "الولايات المتحدة" في أي موضع..
بعد كام سنة.. بدأ "نولان" يشعر بالضيق و التوتر.. و عبر السنين.. بدأ يزداد اكتئابه وحزنه.. بس بالرغم من ذلك كان بيزداد حكمة و فهم للحياة...
يائساً حاول يعرف أي أخبار عن وطنه.. أو حتى يسمع اسم بلاده.. بدون جدوى..
في يوم و هو بيتنقل من مركب لمركب بيقابل بحار شاب متنمر.. فبيخاطبه "نولان" قائلاً: "تذكر يا بني.. خلف كل هذا التعب و الضباط و الجنود و الرجال والحكومة.. و حتى الناس.. هناك بلادك نفسها.. أمك التي تنتمي إليها.. و يجب ان تحبها كما يجب أن تحب أمك.. و تخدمها و تقف بجانبها كما ينبغي ان تفعل مع أمك"...
في مرة بيقام حفل على سفينة . بيرقص فيه مع فتاة كان عارفها من زمان.. بيحاول يستحثها تقول له أي حاجة عن وطنه.. بس البنت بتهرب منه و بتمتنع عن الكلام معاه تماما بعدها.. يائساً.. بيحاول "نولان" إنه يرسل إلتماس تلو الآخر للقاضي اللي أصدر حكمه عليه.. و بيبدي ندمه و تراجعه عما فعل أو قال.. بس بدون جدوى...
محروم من الوطن.. وحيد.. بائس.. بيتعلم "نولان" قيمة "الوطن الأم" و معنى "الدولة".. و بيفتقد بلاده أكتر من أي حد او أي شيء عرفه.. أكتر من اسرته و اهله و اصدقائه.. اكتر من الفنون و الرسم اللي بيهواهم.. بل أكتر من الطبيعة و جمال الكون ذاته.. و بيدرك إنه من دونها لا شيء...
بينتهي المقام بـ"نولان" على السفينة "ليفانت USS Levant".. السفينة دي مابترجعش الميناء أبدا.. عايشة في عرض البحر.. بتتمون و يتعمل لها صيانة و حتى طاقمها؛ بتعدي سفن أخري تستبدله و ترجعهم البر.. و هي في البحر.. بيقضي علي متن "ليفانت" سنين تانية مايعرفش عددها.. بيمزقه الحنين.. و بيفقد الإحساس بالزمن....
بيلتقي الملازم الشاب "نولان" .. اللي أصبح خلاص "نولان" العجوز المحتضر اللي أيامه معدودة في الدنيا.. بضابط اسمه "دانفورت Danforth" علي المركب.. و بياخده يفرجه على قمرته.. الي محدش دخلها من سنين..
"دانفورت" بيفاجأ بإن قمرة "نولان" عبارة عن معبد صغير للوطنية و حب الوطن الأم.. مرسوم عليها العلم عبر كل الجدران بشكل دائري.. و علي سطحها النسر الاصلع الشهير ماسك الكرة الأرضية بين مخالبه.. و عند قدمي فراشه في خريطة لبلاده.. رسمها من الذاكرة..
بيصارحه "دانفورت" إن الخريطة قديمة و الإقليم اتغير دلوقتي.. "نولان" بيفاجأ بكلامه.. و بيكتشف إن عاش بعيد عن وطنه أكثر من خمسين عاماً...
بيطلب "نولان" من "دانفورت" في يأس إنه يحكي له اي شيء عن وطنه.. و كانت لهجته لهجة رجل اعتاد إن طلبه دا دايما يقابل بالرفض.. بس المرة دي.. "دانفورت" بيقعد معاه و بيحكي له علي مدار ساعات جلّ الأحداث الكبري اللي حصلت في وطنه منذ 1807 لحد العام اللي هم فيه..
العام 1863....
بيطلب "نولان" من "دانفورت" إنه يناوله كتاب الصلوات و يفتحه علي أي صفحة عشوائيا.. كتاب الصلوات كان بيصدر عن الكنيسة، وفيه أدعية عامة تنفع لكل الناس من كل الأديان.. لرئيس الدولة بالتوفيق و للوطن بالنجاح و للجيش الوطني بالنصر.. و البحرية نست وجود الكتاب دا مع "نولان"...
"دانفورت" بيفتح الكتاب عشوائيا و بيقرا دعاء لله، لعزة و نصر الوطن و القائمين عليه.. و "نولان" بيبتسم و هو مستلقي على فراشه في إنهاك و بيقول لـ"دانفورت" إنه قرا الدعاء علي مدار 55 عاما ملايين المرات.. و إنه له وطن برغم كل شيء...
بيطلب "نولان" و هو علي فراش الموت من "دانفورت" إنهم يرموا جثته في البحر.. و يعملوا له شاهد قبر تذكاري في "فورت آدامز Fort Adams" على ضفة نهر "الميسيسبي Mississippi"...
بيقول له "دانفورت" إنه حيقدم التماس باسمه إنه يرجع للوطن بسبب سنه.. و مين عارف؟
و لكن "نولان" مات في نفس الليلة...
بيلاقوا بين طيات ثيابه نعي.. كتبه لنفسه عشان يُنقش على قبره.. "تخليدا لذكرى (فيليب نولان) الملازم بجيش الولايات المتحدة، الذي أحب بلاده كما لم يحبها اي رجل آخر قط، و استحق عن جدارة ما لاقاه علي يديها"...
بنتنتهي القصة عن الحد دا.. و في خبراء شايفين إنها كان لها دور فعال للغاية.. في انها ترفع الحس الوطني عند الناس.. مما أدى للحفاظ على وحدة الولايات المتحدة.. و في إن الدولة الوليدة دي تقف ند وجها لوجه لقوة عظمي زي بريطانيا العظمى.. و إن أهلها يشتغلوا و يتحمسوا و يقدموا إسهامات تنهض بالمعرفة و تدفع عجلة التقدم البشري.. زي "منشأة سميثسونيان Smithsonian Institution" و تطوير تقنيات جديدة زي القوارب البخارية و غيرها...
اتعملت قصة "نولان" فيلم سينمائي عدة مرات.. آخرها سنة 1937 بنفس الاسم.. و اتعمل عنها فيلم تليفزيوني سنة 1973...
حبكة قصة "نولان" و عقدتها.. إن الأوطان عزيزة و غالية و مفيش شيء اغلى منها.. هي اللي بيعلموها لولادهم.. بينما بيطلقوا علينا نشطائهم و إعلامهم يقولوا لنا العكس تماما و يفهمونا إن دي شوفينية و تخلف و ضيق افق و استقطاب...
للأسف معندناش قنوات محترمة بتقدم النوع من دا من الإعلام للناس.. ووزارة الثقافة عندنا بتمارس دور مجهول أنا عن نفسي مش عارف إيه هو.. بس دي كانت فرصة إننا نقرا سوا قصة "فيليب نولان" اللي محدش عارف متى بيبدأ الخيال فيها و أين ينتهي.. و نعلم درسه لولادنا.. يمكن في يوم ما ننجح...
مراجع
1 - https://www.theatlantic.com/magazine/archive/1863/12/the-man-without-a-country/308751/
2 - Hall, Timothy L. American Religious Leaders. Infobase Publishing, 2003: 156.
3 - Edward Everett Hale. 1900. The Works of Edward Everett Hale, a New England Boyhood, Volume VI, Second Edition. p. 338. Little Brown, and Company: Boston.
4 - John R. Adams, Edward Everett Hale (Boston: Twayne Publishers, 1977).
5 - Melinda Lawson; "'A Profound National Devotion': The Civil War Union Leagues and the Construction of a New National Patriotism." Civil War History . Volume: 48. Issue: 4. : 2002
6 - Linklater, Andro (2009). An Artist in Treason: The Extraordinary Double Life of General James Wilkinson. Walker Publishing Company.
7 - http://www.imdb.com/title/tt0070364/
8 - Hoffer, The treason trials of Aaron Burr (U. Press of Kansas, 2008)
9 - Peter Charles Hoffer, The treason trials of Aaron Burr (U. Press of Kansas, 2008).
غيبوبة - الدكتور
تعديلسنة 1977 كتب الجراح د. "روبين كوك Robin Cook" رواية اسمها "غيبوبة Coma"...
أخدها منه المخرج و الكاتب "مايكل كريتون Michael Crichton" و عملها فيلم بنفس الاسم سنة 1978...
في الرواية دي "روبين كوك" بيدق ناقوس خطر بالنسبة لجريمة تجارة الأعضاء.. بالرغم من إن "روبين" جراح، بس هو برع في كتابة القصص اللي بتسلط الضوء علي الجانب المظلم من الطب.. جرائم الأطباء و أخطاؤهم.. التعامل مع البشر كسلعة أو مجرد "حالة".. إهمال الطبيب أو فظاظته و تعامله مع المرضي بتكبر و استعلاء غير مبال بآلامهم أو متاعبهم.. او دون ما يفكر إنهم بشر لهم مشاعر...
بتبدأ القصة بالدكتورة "سوزان ويلر Dr. Susan Wheeler" طالبة الطب بمستشفي بوسطن التذكاري.. و مريضة عادية اسمها "نانسي" دخلت تعمل جراحة بسيطة في غرفة العمليات رقم 8.. و للأسف طبيب التخدير مابيعرفش يفوقها و بتدخل في غيبوبة.. و بتعلن حالتها كحالة "موت دماغي brain death"...
بتفضل المريضة على الأجهزة في غيبوبة فترة.. و بعدين أهلها بيوقعوا علي استمارات التبرع باعضائها.. و بيتم فصل الأجهزة عنها...
بعدها بيدخل شاب قوي رياضي.. لاعب كرة قدم.. لعبة الكرة الأمريكية "الرجبي Rugby".. اللي لاعبيها بيبقوا خراتيت بشرية.. مصاب بتمزق في غضروف الركبة.. جراحة بسيطة..
بس الشاب بيخرج من الجراحة البسيطة دي بحالة غيبوبة.. و بتتشخص كذلك على إنها موت دماغي.. دا بيخلي د. سوزان تبدا تستنكر الموضوع.. حالات الغيبوبة متكررة و كلهم شباب أقوياء أصحاء...
بتبدأ تتحرى الموضوع و بتلاقي إن كل حالات موت الدماغ بتخرج من غرفة العمليات رقم 8 بالذات.. و بعدها بتروح الجثث مكان اسمه "معهد جيفرسون Jefferson Institute".. بتحكي لصديقها "د. مارك بيلوز Dr. Mark Bellows" عن شكوكها فبيقابلها باستخفاف.. و بالتالي بتفقد ثقتها فيه...
بتصارح رئيس قسم الجراحة ذو الشخصية القوية "د. جورج هاريس Dr. George Harris" شكوكها.. و بيقلق جدا من إن يكون موضوع الغيبوبة مقصود.. و بيبدي قلقه كمان علي "سوزان" و بيطمن عليها باستمرار و هي بتواصل تحرياتها...
بتتعرض لعدة محاولات قتل.. في غرفتها.. في المستشفي.. في المترو.. في المشرحة.. بتكتشف إن في ماسورة من مواسير الأكسجين في غرفة العمليات 8.. يبدو إن الماسورة دي مش بتضخ أكسجين للمريض اللي بيجري الجراحة.. بتضخ سم.. "سوزان" بترجح إنه أول أكسيد الكربون.. بتحكي برضه لصديقها "بيلوز" بس بيتهمها بالبارانويا...
بعد فترة بتكتشف إن "معهد جيفرسون" دا ما هو إلا واجهة لتجارة الأعضاء البشرية في السوق السوداء.. و بتتسلل و تشوف بعينيها عمليات سرقة الاعضاء و نقلها و بتهرب بأعجوبة.. بترجع لأستاذها "د. جورج هاريس Dr. George Harris" الي بيقدملها مشروب عشان تهدأ.. و هي بتشربه بتلاحظ إنها جفونها بتتقل.. و بتفقد وعيها.. و بتعرف في اللحظة الأخيرة إن أستاذها اللي وثقت فيه دون عن باقي البشر "جورج هاريس"، هو العقل المدبر للجريمة دي كلها..
بتغمض عينيها و هي عارفة إنها المرة الأخيرة.. "د. هاريس" بيبدأ يجهز غرفة العمليات 8 و بيعلن إن "سوزان" جالها التهاب زايدة.. و محتاجة عملية "استئصال زايدة appendectomy" سريعة و هو حيعملها بنفسه..
في غرفة العمليات بيبدأ أول أكسيد الكربون يتسرب لدم "سوزان".. الغاز الرهيب عديم الرائحة اللي بيتحد مع هيموجلوبين دمك و يمنعه من نقل الأكسجين لمخك، فتموت خلايا المخ من نقص الأكسجين..
و لكن فجأة بيحصل خطأ و بيتوقف ضخ الغاز السام من ماسورة الأكسجين الحائطية المزيفة.. و بيضطروا ينتقلوا إلي إمداد الأكسجين بالأنابيب.. و كان "د. هاريس" متوتر.. أول مرة يحصل دا.. يا ترى خدت كفايتها من أول أكسيد الكربون بما يكفي لموت دماغها؟
بيتفتح باب غرفة العمليات و بيدخل "بيلوز" صديق "سوزان".. اللي دكتور التخدير بدأ يفوقها من المخدر بالفعل.. و نجح في دا.. و فتحت عينيها و مسكت ايد "بيلوز".. بيتضح إن "بيلوز" قرر يصدقها و يتحرى بنفسه.. ووصل لأنبوب الغاز السام و قفله في الوقت المناسب..
بيبص "د. هاريس" برا غرفة العمليات و بيشوف رجال لابسة زي التعقيم المعتاد.. بالرغم من دا بيقدر يشوف تحتها ملابسهم الأصلية.. ملابس رجال الشرطة.. و هم واقفين في انتظاره..
بتنتهي القصة عند المشهد دا.. و بيشير "كوك" إلي مسألة تجارة الأعضاء.. و بيطالب وقتها بإيجاد قواعد و تسهيلات دينية و قانونية تسمح بأخذ أعضاء المتوفين في الحوادث أو المتبرعين بعد الوفاة لحاجة الأحياء بدل ما تتحلل و تتحول إلي تراب.. بدل ما الموضوع يتحول لكابوس..
بنقف عند موضوع زراعة الأعضاء و الغيبوبة.. و ننتقل إلي رواية "الدكتور The doctor" اللي اتعملت فيلم درامي ناجح بنفس الاسم سنة 1991.. عن "د. جاك ماكيي Dr Jack MacKee" الجراح بارد الأعصاب.. اللي بينحي كل المشاعر جانبا في شغله و بيعامل مرضاه على إنهم مجرد حالات.. أرقام ملفات أو آلات بشرية...
و كان من الطبيعي إن "د. جاك" يسم بدن مريض بتعليقات من طراز "أهي فرصة نفتح بطنك" أو "تستاهل طالما مدخن" أو "انت حتعرف حالتك أكتر مني؟" أو يسخر من المريض بتعليقات يظنها مرحة.. و يتجاهل آلامه بجفاء و برود.. و بعدين يروح يسهر و ينبسط..
"جاك" كان عنده التصور العقلي الموجود عند معظم الأطباء.. إنهم أكبر من المرض نفسه.. و المرض لا يجروء علي اصابتهم..
بس في مرة بعد سهرة لطيفة مع زوجته.. بيدخل في نوبة سعال.. و بيبدأ الدم يتناثر من بين شفتيه و يغرق عربيته و زوجته و هدومه.. بيروح المستشفي وبياخدوا عينة من انسجة حلقه و بيتضح إنه مصاب بالسرطان..
ولأول مرة في حياته، بيشرّف "د. جاك" في المستشفي كمريض.. و لأول مرة في حيلته أيضا؛ بيختبر مشاعر المريض الراقد علي الفراش و بيبقي أمام المدفع.. مش وراه..
بيلتقي بمريضة سرطان أخرى اسمها "جون إليس June Ellis" و بتمسك بايده و تعرفه على العالم الرهيب المجهول دا.. اللي ببروده و فظاظته مايعرفش أي شيء عنه... عالم المرضى...
المشكلة بتثور لما بيتعامل "جاك" كمريض مع عشرات من زملائه و تلاميذه و أطقم التمريض اللي اتعلموا منه أسلوبه الجاف الفظ.. و بيتعاملوا معاه بنفس الطريقة...
بيكتشف "جاك" إن طريقته اللي علمها للعشرات دي.. بتمرض المريض اكتر من المرض نفسه.. و بتدخله في توتر عصبي و اكتئاب بينخفض بمناعته للحدود الدنيا.. و بالفعل ممكن تؤدي لوفاته...
بيطلب من صديق له يجري له الجراحة بس صديقه اللي اتعلم منه بيقول له في برود "إنه كده كده ميت و مفيش أي أمل".. بيطلب من خصمه اللدود اللي كان دايما ضد طريقته "د. إيلي بلومفيلد Dr. Eli Bloomfield" إنه يجري الجراحة.. فبيرد عليه "إيلي" بنفس طريقته بضحكة ساخرة: "دايما اتمنيت اشق عنقك بالمبضع.. و أهي الفرصة جاتلي أخيرا"...
بيعتصر الإحساس بالألم قلب "د. جاك".. بس "إيلي" بيعمل له الجراحة و بتنجح.. بس للأسف صديقته المريضة "جون إليس" بتموت...
بيرجع "د. جاك" إلي وسط الأصحاء.. بعدما اتغيرت حياته بالكامل.. و بيبدأ يدرس لأصدقائه و زمايله أسلوبه الجديد.. و بيبدأ يعلمهم يتعاملوا مع المرضى بتعاطف و احساس.. و يستمعوا لهم مهما كان كلامهم ساذج أو طلباتهم تبدو عبيطة...
في مهن لو فقدت الضمير بتبقي كارثة عاجلة.. كل الأعمال مهمة.. بس احنا هنا مش بنتكلم عن ساعاتي بيغير استيك ساعة.. و أقصى ضرر حيحصلك إن الأستيك يتقطع والساعة تضيع.. بنتكلم عن ناس بتتعامل في آلام و جراح و حياة البشر...
يبدو إننا محتاجين ناخد الموضوع بشكل جدي.. و ندخل السوق السودا لتجارة الأعضاء و ندرس ذلك العالم السفلي و ننسفه تماما.. و نبدأ نعمم الكشف النفسي الدوري علي الأطباء و طلبة الطب.. و نتأكد إنهم أسوياء النفس.. و نغلظ العقوبات إلي حد رادع...
مافتكرش أي طبيب "شريف" ممكن يعترض علي دا بعد اللي حصل...