الثقافة تؤدى الى الحضاره

الصفحه دى يتيمه, حاول تضيفلها مقالات متعلقه لينكات فى صفحات تانيه متعلقه بيها.

الثقافة تؤدى الى الحضارة ، هى مقاله او فصل نشره المفكر المصرى سلامه موسى فى كتابه " ماهى النهضة " سنة 1935. مع ان المقاله اتكتبت فى مصر من حوالى 75 سنه لكن موضوعها مش بعيد عن الحاله الثقافيه و الاجتماعيه لمصر الحاليه و بتفسر ليه فضلت مصر و العقليه المصريه العامه متخلفه رغم مرور سنين طويله من زى ثورة 1919 اللى عملت فى مصر نوع من النهضه كانت المفروض تتطور لقدام و تبنى مصر الحديثه. المقاله بتوضح ايه الفرق بين الثقافه و الحضاره و ازاى بتأثر ثقافة شعب من الشعوب فى تأسيس حضارته و ان الثقافه الزراعيه الخامله ما بتخلقش حضاره صناعيه لكن بتبنيها الثقافه اللى قايمه على العلم. و رغم قصر المقاله لكن مادتها دسمه و اتطرق فيها سلامه موسى لكذا موضوع زى الثوره و اللغه.

سلامه موسى 1887-1958.

الثقافه و الحضاره

تعديل

بدأ سلامه موسى كلامه بقوله ان احسن اللى ممكن يتقال عن الفرق ما بين الثقافه و الحضاره هو ان الثقافه هى الحاجه اللى احنا بنتكون منها و الحضاره هى الحاجه اللى احنا بنشتغل بيها. الثقافه هى علوم و فنون و فلسفات و عادات و تقاليد و اتجاهات بتدينا كلها مزاج معين بيمشينا فى حياتنا ، و بيها بنأسس مجتمع بيتفق مع مبادىء المعارف دى و ما بيتنافرش وياها. لكن الحضاره هى الادوات اللى بنشتغل بيها : حسيه، زى حلل الطبخ و مواد البنا و الالات و المصنوعات ، او معنويه، زى زى المؤسسات الاجتماعيه اللى من ضمنها الحكومه و المجلس النيابى و المجلس البلدى و نظام الاداره و لم الضرايب و غيرها.

الثقافه بتسبق الحضاره و بتوصل ليها اكمن الثقافه زى الفكره و الحضاره زى الماده. بتنطبق على الثقافه و الحضاره القاعده السيكولوجيه المعروفه اللى بتقول ان : " التعرف بيوصل للتأثر و التأثر بيوصل للتحرك "، حيث اننا الاول بنتعرف عالحاجات و بعدين بنتأثر بالتعرف ده فبنتحرك لعمل حاجه زى اختراع اله او اكتشاف دوا او ايجاد نظام ، و دى هى الحضاره.

ممكن نقول ان الحضاره الصناعيه الموجوده ، المتمثله فى المصانع الكبيره اللى بتصنع النسيج او العربيات او السفن او الطيارات و غيرها ، هى ثقافة الرياضيات و الفيزيا المتجسده فى حضارة الالات و الحديد و الفولاذ. مفيش امه ممكن تعيش فى حضاره صناعيه اذا ما كانتش اتمرست فى الثقافه العلميه اللى بتوصل ليها ، و يوم الحضاره الصناعيه ماتهمل الثقافه العلميه دى بترجع طوالى للحضاره الزراعيه اللى بتنتكس ليها الامه اللى بتتقهقر ثقافتها.

الانقلاب الثقافى و الثورات

تعديل

كل تحرك اجتماعى بيحتاج تحرك ثقافى ، و مفيش غير الامم الزراعيه هى اللى ممكن تعيش على ثقافه راكده لا بتتحرك و لا بتتباين و لا بتتنوع. ده اكمن المجتمع المتحرك بيحتاج لثقافه متحركه متباينه متنوعه ، و عشان كده الانقلاب الثقافى ضرورى لعمل انقلاب فى الحضاره ، و ده اللى عملته بلاد زى الصين و اليابان و تركيا ، البلاد دى لما عازت تاخد بالحضاره الحديثه ، يعنى حضارة الصناعات و الالات ، اضطرت الاول انها تاخد بثقافة العلوم الحديثه. مش ممكن ان امه تاخد بالحضاره الحديثه اذا كانت عايشه على ثقافه قديمه ما قدرتش فى تاريخها انها تثمر غير الحضاره الزراعيه بس. فكل حضاره بتحتاج لثقاقه تنشئها و بعدين تفسرها و تلائمها و تماشيها و الا حصل التزعزع الاجتماعى اللى بيحصل كنتيجه للتنافر بين وسط حضارى جديد و وسط ثقافى قديم. اقل حاجه ممكن يوصل ليها التنافر ده هو ان الفرد بيبقى عايش و بيعانى فى وسط جديد ما بيؤمنش بتقاليده و عقائده و التراث الأخلاقى لأبائه ، و فى نفس الوقت الفرد ده مااتهيأش بثقافه جديده تزوده بميزات اخلاقيه و عقائديه جديده فبيعيش من غير ضمير. اللى يوضح الكلام ده هو حصول الفوضى الاخلاقيه فى ايام الثورات و الانقلابات. وده لان الثوره او الانقلاب معناهم تغيير فى الثقافه و تحرك المجتمع ، و الاتنين معناهم تغير فى الضمير. مش سهل على كل انسان ان ضميره يتغير بالسرعه اللى بتقتضيها الثوره ، لان الانسان لما بيسيب تقاليده و ميزان الفضائل والرذايل اللى ورثهم ، بطبيعة الحال بيحتاج لتقاليد و ميزات جديده بدالهم ، لكن الثوره ما بتسفعهوش بيهم ، و عشان كده بيعيش لسنين فى فوضى اخلاقيه.

دور اللغه

تعديل

الثقافه معناها العلوم و الفنون و العقايد و العادات ، لكن اللغه اللى بيتفاهم بيها الشعب اهم من ده كله ، لان أعظم تراث اجتماعى لأى بلد هو لغتها العاميه اللى بتعتبر اعظم مؤسساتها و اقدرها علا خدمتها. لو استعصت اللغه ع الفهم او صعب تعلمها او اذا عجزت عن اداء عصرى و عجزت عن استيعاب العلوم و الفنون العصريه فكل حاجه بعد كده بتستعصى ع البلد اذا ما نبذتش لغتها و بدلتها بلغه اجنبيه. عملية اخد لغه اجنبيه ماهياش طبع حاجه سهله و دا لان البلد بتحتاج قرون طويله لغاية ما تنسى لغتها و تاخد بلغه تانيه. فى عملية الاستبدال اللغوى ده بتتعرض البلد لمخاطر مالهاش حصر و ممكن فى حفره ما تقدرش تطلع منها.

اتقال ان الكلمات هى بذور الافكار ، لكن الكلمات كمان هى بذور الاعمال. ألفاظ زى الحريه و المساواه و الأخاء اللى اترددت فى كتابات المفكرين الفرنساويين فى القرن التمنتاشر كانت بذور لأفكار و اعمال لسه ما خلصتشى لحد دلوقتى. العالم سنة 1919 اتكهرب بـ " كلمات " قالها الرئيس ولسون عن حق الامم الصغيره و تقرير المصير ، و من الكلمات دى نشئت " عصبة الأمم " و غير المثل دا فيه امثله كتيره.

اللغه هى قاعدة الثقافه و من المحال تأسيس ثقافه راقيه بلغه متخلفه و لا ثقافه متحركه بلغه جامده. لان تحرك الثقافه و رقيها بيستتبعوا رقى اللغه و تحركها ، يعنى تطور ألفاظها القديمه و تلبيسها بمعانى جديده او اصطناع ألفاظ جديده اجنبيه او محليه. التاريخ بيوضح ان لما الامم الاوروبيه لقت ان اللغه اللاتينى اللى كانت وسيلتها الثقافيه فى القرون الوسطى ماعادتش بتتفاعل مع المجتمع الاوروبى فى نهضته الجديده وما بتسايرهوش لا بالتأثر ولا بالتأثير نبذت اللاتينى و اتخلت عنها و اخدت اللغات العاميه بدالها. الصين برضه فضلت الاف السنين تعتمد على لغه او كتابه قديمه حجبت عنها الحضاره الحديثه فلما قرر الصينيين انهم ياخدوا بالحضاره الحديثه استحدثوا من لغتهم طراز جديد للاراء بيتفق مع ضرورات الحضاره الحديثه.

اللغه حاجه فى غاية الاهميه للبلد ، بمعنى اللغه العصريه الحديثه اللى بتقبل التطور و بتقدر تستوعب الفنون و العلوم و بتصطنع ألفاظ جديده ، لغه تخلى المفكر مايلاقيش فيها حرج بيضيق على تفكيره و بيضلله باستعمال ألفاظ ما بتأديش أغراضه ، او بتمنعه من انه يتناول المواضيع العلميه او الفنيه او الفلسفيه بسبب عجز اللغه عن التعبير عن معانيها.

مصادر

تعديل
  • سلامه موسى ، ما هى النهضة، سلامه موسى للنشر والتوزيع، القاهرة