شيخ العرب همام الهوارى

همام بن يوسف بن أحمد بن محمد بن همام ابن أبو صبيح سيبة، والملقب بهمام شيخ العرب همام أميـر الصعيد وزعيم قبائل الهوارة فى القطر المصرى اتولد سنة 1709 فى فرشوط محافظة قنا وتوفى سنة 1769 م ظهر شيخ العرب همام فى وقت كان الصعيد فيه فى امس الحاجة الى وجود رجل مثله يُقر الامن ويحمى الفلاحين من ظلم الادارة المتمثلة فى المماليك ومتاعب الاعراب من سلب ونهب وتهديد ...

قضى المماليك على تمرد العربان
العربان قضى عليهم على بيك الكبير هما و الفساد.
Ali Bey al-Kabir٧٥٥ 1728–1773)
على بيك الكبير اول واحد يعلن استقلال مصر عن الدولة العثمانية.
مملوك من مماليك العصر العثمانى - رسم من سنة 1810.

نشر شيخ العرب همام العدالة بين ابناء الصعيد وماكانش يفرق فى المعاملة بين ابناء قبيلته الهوارة وبين الفلاحين او العرب الاخرين فالجميع امامه سواء ...

لقد احال شيخ العرب همام الصعيد من منبت للفتن ومسرح للصراع بين الامراء المماليك المهزومين امام زملاتهم فى القاهرة ومطارديهم المنتصرين الى منطقة استقرار ورخاء وامن وازدهاروبده وضع اساس مجده وخلد ذكره ..

شيخ العرب همام

فى قرية فرشوط بمحافظة قنا كان مولد شيخ العرب همام بن يوسف 1709 م .

و قد نشـأ شيخ العرب همام فى بيت ورث الثراء و المكانة أباً عن جد فقد كان شيخ العرب همام إبن للشيخ يوسف بن الشيخ أحمد محمد همام اللى آلت ليه زعامة قبائل الهوارة .

و قد تمتع الهوارة بثراء واسع و كان معظم شيوخهم على جانب كبير من الثراء فمنذ أن نزل الهوارة لالصعيد و إستقروا فى جرجا إمتدت سطوتهم فيها و إتسع ثراؤهم و كان كبيرهم يقيم فى فرشوط و له نفوذ فى الصعيد كله و قد فضلت لشيوخ الهوارة رئاسة الصعيد و السيطرة على الحكم فيه لحد سنة 1575 م

و قد كانت العيله اللى انحدر منها شيخ العرب همام و هيا العيله الهمامية على صلة طيبة بالفلاحين فى الصعيد فقد استطاعت بما توفر ليها من عصبية قبلية قوية حماية فلاحى الصعيد من المظالم اللى كانت تلحق بباقى الفلاحين فى اماكن مصر التانيه .

وقد ورث شيخ العرب همام عن أبيه الشيخ يوسف التزامات واسعة شملت معظم أراضى الصعيد من المنيا لأسوان و كانت دى الالتزامات قد آلت لالشيخ يوسف وراثة عن أبيه الشيخ أحمد بن همام .

242 الف فدان التزام الامير همام شيخ العرب

ولكى يحمى شيخ العرب همام أراضيه الواسعة و يدفع عنها شر هجمات الأعراب و أطماع أمراء المماليك كون جيشا كبيراً من الهوارة أقاربه و من المماليك الفارين لالصعيد هرباً من منافسيهم .

دارة همام او القلعة الحربية بمنطقة العركى بفرشوط و كانت تستخدم للتدريب كانت دى هيا البيئة اللى نشأ فيها شيخ العرب همام و جعل نُصب عينيه توحيد قبائل الهوارة وجمعها تحت لواء واحد وذالك للتصدى لظلم المماليك واطماعهم اللى ماكانت تنتهى ....

و ما كانتش شهرة شيخ العرب همام وليدة أساليب البيان و سحر البلاغة كما ما كانتش الهالات اللى أحاطت بسيرته وليدة الخيال و إنما هيا شهرة و مجد استمدا وجودهما من الواقع اللى لا يُخطئ أحال شيخ العرب همام الصعيد من منبت للفتن و مسرح للصراع بين الأمراء المماليك المهزومين قدام زملاتهم فى القاهرة و مطارديهم المنتصرين لمنطقة استقرار و رخاء و أمن وازدهارو بده وضع أساس مجده و خلد ذكراه .

إهتمامه بالعلما و إكرامهم

قد اهتم شيخ العرب همام كذلك بالعلما و إشتهر بتقريبه لهم و إكرامهم و مقابلتهم بما يستحقون من احترام و تقديم الهدايا العظيمة لهم إذا ما قصدوه فى موطنه ومن أشهر دول العلما اللى زاروا شيخ العرب همام فى موطنه الشيخ مرتضى الحسينى الزبيدى ..ومنهم ايضاً الشيخ محمد بن سالم الحفناوى احد مشايخ الازهر و كان على علاقة وثيقة بشيخ العرب همام و كانت بينهما مراسلات وصداقة كبيرة والشيخ الحفناوى وولد ببلدة حفنا احدى قرى بلبيس و كانت له مواقف قوية جدا فى التصدى للماليك وظلمهم و كان يقول لهم أخربتم الاقاليم والبلاد .!! وذالك لشدة تناحرهم وتشاحنهم على السلطة وكما ذكر الجبرتى فقد مات بالسم رحمه الله الله ويُقال ان المماليك هم اللى سموه ...

ومن أشهر العلما اللى كانو يعيشو فى أرض شيخ العرب همام الشيخ على بن صالح الشاورى المالكى مفتى فرشوط و اللى تلقى علومه بالأزهر بعدين رجع لفرشوط و تولى الإفتاء بيها و قد اهتم شيخ العرب همام بالشاورى اهتماما كبيراً و أكرمه إكرام كبيراً و كان يقبل وساطته فى أى أمرو ده اتسبب فى إشتهار أمره .و بعد وفاة شيخ العرب همام غادر الشاورى فرشوط و حضر لالقاهرة و ظل بيها لحد وفاته سنة 1771 م .

إنشائه للمساجد والوقف ليها

و قد إشتهر شيخ العرب همام بالتقوى و الورع فكان يؤدى الصلاة فى أوقاتها و قد أوقف أوقاف كثيرة على المساجد فى الصعيد و قام بكثير من الاصلاحات فيها زى ما قام به من إصلاح فى جامع عبد الرحمن القنائى أشهر أولياء الصعيد فقد جدد شيخ العرب همام الجامع و أنشأ خلفه مخزن و دورة ميه و أوقف عليه أوقاف كثيرة و أنشـأ شيخ العرب همام جامع خاصاً فى موطنه فرشوط فى الجانب الشرقى منها سنة 1757 م و هو جامع فخم وتحفه اثرية هامة .

جامع شيخ العرب همام

ومازال ده الجامع قائم فى فرشوط فى حالة جيدة و تُقام به شعائر الصلاة و قد كُتِبَ على واجهته :

لجامع همام بن يوسف رونق ** به لاذت العباد من كل وجهة

عليه علامات القبول لوايح ** و قد طاب من أرجائه كل بقعة

فيا جوه بالباب ادع لمشئ ** و ارخ يسد الله سر المنية

وعلى جدران الجامع كتبت قصيدة نهج البردة ... و اوقف شيخ العرب همام 19 فدان بفرشوط للانفاق منها على ده الجامع .

حياته وعدله مع الناس وجلوسه لشكايتهم

كان شيخ العرب همام يجلس يومى بعدما يُصلى صلاة الصبح لفض المنازعات بين الناس و كان له مجلس عرب يشبه المحكمة و إذا أصدر الحكم بين متخاصمين أمر كاتبه بولس النصرانى بكتابة ده الحكم و كان كل شيء يُدون فى دى الجلسات ..نشر شيخ العرب همام العدالة بين ولاد الصعيد و ماكانش يُفرق فى المعاملة بين ولاد قبيلته من الهوارة و بين الفلاحين أو العرب التانيين فالجميع امامه ســواء و قد اهتم شيخ العرب همام بتنظيم الزراعة فى الصعيد و أدار الحياة فيه بنشـاطٍِ جم و كفاية فائقة و كان هدفه أن يخلق من الفوضى نظام يُمكنه من نشر الرخاءبين فلاحى الصعيد . لذا اهتم برعاية الأمن فيه كما عمل على خلق شخصية بارزة له تحميه وتحمى كل بلاد الصعيد اللى كانت تحت سلطته فعلى من ظلم المماليك و إسـتغلالهم و قد اتقن شيخ العرب همام دوره بصفته أميراً على بلاد الصعيد و أخذ فى تنفيذه مضحى بكل ما يملك من جهد و مال و رجال و لم يكترث بما كان يبذله من تضحيات و ما يلاقيه من جهد و عناء و بلغ شيخ العرب همام من القوة و النفوذ حداً جعله يؤثر فى تصعيد حدة الصراع بين كبار أمراء المماليك بالقاهرة و هو باقٍ فى مكانه بالصعيد فلم يذهب لالقاهرة و لم ينتقل من معقله و مهد نفوذه ..

و قد ظهر شيخ العرب همام فى وقت كان الصعيد فى أمس الحاجة لوجود رجل مثله يُقر الأمن و يحمى الفلاحين من ظلم الإدارة و متاعب الأعراب من سلب و نهب و تهديد امراء المماليك .. .

ومن جهة إخرى كان شيخ العرب همام يتطلع إلى حماية قوافل الحجاج اللى تسافر عن طريق القصير وتأمين الطريق لهابعد ان تركه امراء المماليك و إنشغلوا بخلافاتهم على السلطة و كانت قبائل العليقات هيا اللى قامت بده الدور بتكليف من شيخ العرب همام فأصبحوا هم حراس الحجاج وهم المسؤلون عن حمايتهم ...

وضع شيخ العرب همام نظام امنى رائع جعل الجميع ينعم بالهدوء والاستقرار و استراحت الدولة عامة إلى تولى شيخ العرب همام إدارة الصعيد فقد كفاها متاعب كثيرة فى تحصيل الاموال بتسديده الدائم لما عليه من خراج ...

وقد ادى النظام اللى وضعه شيخ العرب همام للامن والعناية اللى كان يبذلها لصيانة الترع والكبارى إلى إزدهار الزراعة وتحقيق الرخاء العام للاهالى ولاجل ده قد حفظ أهل الصعيد من فقير وغنى ومسلم ونصرانى لشيخ العرب همام أكرم الذكرى ...

يقول الباحث والمؤرخ المصرى عمر أحمد محمود تركى قضى شيخ العرب همام السنين الأخيرة من عمره فى إجراء المصالحات بين القبائل المتناحرة و إنهاء الخصومات الثأرية و إستشهد المؤرخ المصرى بوثيقة تاريخية بحوزته تسجل حضور شيخ العرب مصالحة ثأرية بين قبلتين فى إسنا سنة 1173 هجرية جه فى الوثيقة إن المصالحة تمت بحضور العبد الأجل المحترم الجليل المكرم حضرة شيخ العرب همام يوسف ..

وأبدى الباحث والمؤرخ المصرى عمر أحمد محمود تركى تخوفه من أن يتضمن المسلسل اللى يحمل اسم شيخ العرب همام مشاهد تصور شيخ العرب جبارا متكبرا ظالما غليظ القلب على عكس الحقيقة كان شيخ العرب همام جوادا كريما رقيق القلب تفتح موائده العامرة من صلاة الفجر وحتى نص الليل زى ما كان محبا للسلم والسلام ويتحلى بأخلاق الفرسان .

فيما اشار عبد الحكم عبد ربه وكيل وزارة الثقافة بالأقصر و هو احد ولاد المطاعنة بأسنا أن شيخ العرب همام كانت تُروى عنه عشرات القصص والحكايات عن قوته اللى كان يستخدمها فى رد الظالم عن ظلمه ويضيف عبد ربه أن شيخ العرب همام قد وصل لاصفون وقرى المطاعنة فى إسنا بعد هزيمته على ايد على بك الكبير فى أسيوط اخذ فى التقهقر للجنوب لحد وصل لأصفون اللى ناصرته وتضامنت معه و أحبته وبقى بيها لحد وفاته عام عرف بين أهل تلك القرى باسم عظيم بلاد الصعيد .

اصبح شيخ العرب همام الحاكم الفعلى للصعيد بتزعمه لعرب الهوارة والصعيد واستطاع شيخ العرب همام لما تمتعت به شخصيته من ذكاء وطموح ان ينشيء الصلات الواسعة المتعددة الجوانب مع حكام مصر وعلماءها ومع الدولة العثمانية نفسها و كان يطلب منها ما عايز مباشرة مجدداً ما كان من طيب العلاقات بين اجداده وبين الدولة العثمانيةو ده اثار عليه غيرة بكوات القاهرة زى على بك الكبير ...

وقد لعب شيخ العرب همام دوراً هام فى حياة الصعيدلكن وفى حياة مصر كلها فى النصف الاول من القرن التمنتاشر الميلادى ونحو عشرين سنه من النصف التانى منه ..

يقول رفاعة رافع الطهطاوى بعد زيارته لفرنسا واطلاعه على نظام الحكم هناك وتفاصيل انتقال السلطة والحكم فعقد مقارنة بسيطة بين النظام الجمهورى والمشروع السياسى لشيخ العرب همام حين وصفه فى كتاب تخليص الابريز فى تلخيص باريز قائلا: ولما كانت الرعية لا تصلح أن تكون حاكمة ومحكومة وجب أن توكل عنها من تختاره منها للحكم وده هو زى مصر فى زمن حكم الهمامية فكانت إمارة الصعيد جمهورية التزامية.

وتعاطف بعض المفكرين مع الحركة اللى قادها الأميرشيخ العرب همام فى الصعيد ومحاولته الاستقلال بحكم الصعيد وعلى رأس دول المفكر لويس عوض اللى ذكر فى كتابه تاريخ الفكر المصرى الحديث واصفا ما قام به شيخ العرب همام بأنه كان ثورة كانت ليها اجوال وطنية واجتماعية أما الهدف الوطنى الاولانى فكان استخلاص مصر من أيدى المماليك و أما الهدف الاجتماعى الاولانى فكان تمليك الأرض للمصريين وتوزيعها على الفلاحين.

و سنة 1769 وفد لمصر الرحالة الاسكتلندى جيمس بروس وسجل فى كتابه (رحلات لاكتشاف منابع النيل) تفاصيل لقائه بشيخ العرب همام بن يوسف فى مدينة فرشوط ذكر عنه أنه كان طويلا وضخما و وسيما وفى الستين من عمره و أنه استقبله بأدب شديد وسأله عن ما يحدث فى القاهرة اكتر من سؤاله عن أى مكان آخر. كان ده اللقاء فى فترة صراع همام مع على بك الكبير و هو نفس السنه اللى توفى فيه شيخ العرب همام.

اقام شيخ العرب همام نظام وحكم إدارى دقيق لتنظيم بلاد الصعيد وشئون اراضيه والعاملين فيها و كان عنده دواوين تضم جيشاً من الكتبة ومعظمهم من النصارى لمهاراتهم فى الشئون الحسابية و كان دول يشتغلو فى دأب متواصل آناء الليل واطراف النهار لانجاز حسابات شيخ العرب همام الواسعة ...

وكان شيخ العرب همام يباشر كل اعمال موظفيه يراجع حساباتهم ويمليهم اوامره وتعليماته ومكاتباته ومن تلك ما يتعلق بمنازعات ابناء المنطقة سواءا كانت مدنية او جبعيده او متعلقة بشئون الزراعة ....

ترتب على كل ما سبق من علو مكانة شيخ العرب همام ورياسته على الصعيد بكامله وعلاقته الوطيدة بالدولة العثمانية ( الباب العالى )

حنق امراء المماليك وحقدهم على شيخ العرب همام

وبدا الصراع المرير يُترجم الى الصراع بين شيخ العرب همام وعلى بك الكبير لتحديد أسباب الصراع بين شيخ العرب همام و على بك الكبير

على بك الكبير

و لد على بك سنة 1728 م فى القوقاز و كان والده واحد من قساوسة الكنيسة اليونانية و كان يأمل فى أن يُنشئ ابنه يوسف تنشئة دينية لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فقد اختطف الابن على ايد واحده من عصابات الطرق التى باعته لو احد من اكبر تجار الرقيق فسافر به لالاسكندرية و باعه لمديرى جمركها اللى أهدياه بدورهما لإبراهيم كتخدا تقرباً ليه لأنه كان من أصحاب النفوذ فى مصر .

و قد ابتدت حياة على بك كما ابتدت حياة غيره من المماليك بعد شرائهم فاعتنق الإسلام و اتسما على . ولما توفى أستاذه إبراهيم سنة 1168 هـ /1754 م وهناك اقاويل كثيرة انه هو من سمه حتى ينفرد بالسلطة ابتدت شخصيته فى الظهور على مسرح الأحداث بالقاهرة و ابتدا يسعى لمنصب شيخ البلد أى الوصول لزعامة المماليك جميع و السيطرة على مقاليد الأمور فى مصر كلها . و للوصول لمنصب شيخ البلد كان على على بك أن يُزيح من طريقه رضوان كتخدا الجلفى شريك أستاذه إبراهيم كتخدا فى النفوذ و اللى انفرد بعد وفاة إبراهيم كتخدا بالنفوذ و السيطرة و كان من الطامعين فى مشيخة البلد كمان عبد الرحمن كتخدا اللى تركه على بك يبدأ النزال مع الأمراء التانيين لحد يُمهد له الطريق و يخليه من المنافسين و بالفعل ألب عبد الرحمن كتخدا مماليك إبراهيم كتخدا على رضوان الخلفى و أغراهم على ذلك سنة 1755 م لحد هاجموه و أطلقوا عليه الرصاص و اضطروه للفرار لالصعيد توفى هناكبعد أيام من مهاجمته و فراره .و انتهى بموته سلطان أتباعه و فضل على بك يُخفى ما بنفسه من تطلع لمنصب شيخ البلد وترك المتنافسين على ذلك المنصب يُسقِط بعضهم بعضا ولم يستطع عبد الرحمن كتخدا أن يتقلد مشيخة البلد لأنه بالرغم من شهرته و قربه من نفوس الناس ماكانش له من الأتباع ما يوازى أتباع عثمان بك الجرجاوى و اللى انتهى الأمر بتوليه مشيخة البلد فلم يحسن معاملة زملاؤه فقاموا بخلعه من الرياسة و تولى بعده حسين بك الصابونجى و ذلك فى أوائل سنة 1757 م .

واتبع حسين بك الصابونجى سياسة تشتيت شمل المماليك و الأتباع اللى كان على رأسهم على بك أصدر حسين بك أمراً بنفى على بك لنوسا الغيط ( بالدقهلية ) و لكن أتباع حسين بك تآمروا عليه و قتلوه بعدين تولى من بعده على بك الغزاوى ف بقا شيخاً للبلد و سعى للقضاء على عبد الرحمن كتخدا مدبر علشان كده مؤامرة علم بيها عبد الرحمن كتخدا و سعى لإسقاط على بك الغزاوى من مشيخة البلد فانضم لعلى بك الكبيرو عقد معه أواصر الصداقة و بذل جهده لحد تمكن من جمع كلمة الأمراء على اختيار على بك شيخاً للبلد فى أوائل سنة 1760 م و ظفر بإقرار الباشا علشان كده .

و بعد ما استلم على بك الكبير المشيخة عمد لالاحتفاظ بيها عن طريق التخلص ممن ينافسونه على المنصب ده و كان أهم من ينافسونه 3 هم :

عبد الرحمن كتخدا

حسين بك كشكش

و صالح بك القاسمى حاكم جرجا .

و قد ابتدا بعبد الرحمن كتخدا فاستصدر أمراً من الباشا بنفيه لالحجاز سنة 1764 م كما نفى الكثيرين من أتباعه .

اتجه على بك الكبيربعد كده لالإيقاع بين حسين بك كشكش و صالح بك القاسمى بتعيين حسين بك حاكم لجرجا بعدين أصدر أمراً بنفى صالح بك لرشيد بعدين لدمياط وصالح بك ده من اقرب المماليك الى شيخ العرب همام و كانت تربطه به صداقة قوية جداً و لكن صالح بك لم يستسلملكن فر لالمنيا أى لالصعيد موطن صديقه وحليفه شيخ العرب همام شيخ العرب وجمع حوله المنفيين من المماليك . و اهتم شيخ العرب همام بمساندة صديقه صالح بك ومساعدته مساعدة فعالة عمل بما تقتضيه واجبات الصداقة من جهة و إدراكاً لسوء نوايا على بك من جهة تانيه فلا شك أن مساعدة شيخ العرب همام لصالح بك كانت تحمل فى ثناياها إدراكاً من همام لنزعة على بك و ميله للقضاء على كل اصحاب السلطان و النفوذ اللى يخشى منهم على نفوذه و سيادته و من هولاء صالح بك اللى كان يستمد قوته من صداقته و ارتباطه بشيخ العرب همام و قد امد شيخ العرب همام صديقه صالح بك بكل ما يحتاج ليه من ذخيرة و مؤن و رجال لمقاومة الحملة اللى و جهها ليه على بك بقيادة حسين بك كشك .

و قد تمكن صالح بك بمعاونة شيخ العرب همام من قطع الاتصال بين الصعيد و القاهرة و منع إرسال الغلال و الأموال الأميرية . و قد كان شيخ العرب همام يقف بكل قوته بعد صالح بك و بحسن سياسة شيخ العرب همام و بعد نظره فشلت حملة على بك ضد صالح بك كما أن شيخ العرب همام بمساندته القوية لصالح بك نبهه لحقيقة نوايا على بك ضده و أهدافه من إرسال الحملة ليه بقيادة زميله حسين بك بهدف إيقاع الشقاق بينهماو فعل حدث عكس ما توقعه على بك وسُرعان ما اتفق صالح بك وحسين بك كشكش ضد على بك اللى بسرعه أصدر أمراً بنفى حسين بك اللى لم يمتثل للأمر و أسرع بدخول القاهرة عنوة فحاول على بك دس السُم له لكن حسين بك اكتشف الخديعة فاضطر على بك لالهرب لالشام و ذلك فى سنة 1765 م / 1179 هـ وسيطر حسين بك على القاهرة واستعاد صالح بك ولاية جرجا .

الحيلة والخديعة الكبرى من على بك الكبير

لم يلبث على بك الكبيرأن رجع من الشام و دخل القاهرة مُظهراً الندم و التوبة فانخدع زملاؤه بمظهره و أعطوه حكم نوسا الغيط لإبعاده عن القاهرة و لكنه ما إن وصل لهناك لحد دبر مؤامرة للقضاء على زملاته اللى اكتشفوا دى المؤامرة و قرروا نفيه دى المرة لأسيوط اللى كانت جزءاً من ولاية جرجا و يحكمها خصمه صالح بك القاسمى .

و كده وجد على بك نفسه مضطراً للجوء لأقوى منافسيه و هو صالح بك حليف شيخ العرب همام للاستعانة به فى محاولة الرجوع لالقاهرة والقضاء على منافسيه بيها و قد كانت أهمية صالح بك فى الوقت ده تأتى من محالفته ومصادقته لشيخ مصر العليا وسيدها المطاع شيخ العرب همام اللى كان له النفوذ الفعلى فى الصعيد فقد كان يسيطر على معظم أراضى الصعيد من المنيا لأسوان و يملك ثروة هائلة و قوة عسكرية ضخمة و أسلحة و ذخيرة هائلة.

و قدر على بك بثاقب بصره أن فى تحالفه مع صالح بك ما يضمن له الحصول على قدر هائل من القوة اللى يتمتع بيها شيخ العرب همام اللى كان لا يضن بتقديم الكثير منها لصديقه صالح بك لكن صالح بك رفض كل محاولات على بك للصلح معه متأثراً بما كان من سوء العلاقات بينهما و محاولات على بك ابعاده الدائم عن القاهرة تارة بنفيه لرشيدوتارة تانيه لدمياط .

و لجأ على بك لالاتصال مباشرةً بشيخ العرب همام عله يُقنع صديقه وحليفه صالح بك بالتحالف معه وبعت ليه رسل بكده واستخدم الرسل فى ذلك كل سبل الخديعة و القول المعسول والوعود البراقة ملوحين لشيخ العرب همام بعزم على بك تأييد سلطته و نفوذه فى الصعيد لوتم له النصر كذلك تثبيت مركز صالح بك كحاكم لولاية جرجا فى ظل سيطرة شيخ العرب همام و استمروا فى ذلك لحد قبل شيخ العرب همامأن يتم الاتفاق بينه و بين صالح بك من جهة و بين على بك من جهة تانيه .

ويظهر ان شيخ العرب همام لم يقبل مساعدة على بك إلا لأنه أدرك خفايا شخصية على بك و أنه يملك من العزيمة ما سيمكنه من هزيمة زملاؤه واحراز السيطرة على مصر كلها و رأى شيخ العرب همام فى مساعدة على بك ما قد يرجع عليه و على صديقه صالح بك بالنفع لو تم النصر لعلى بك و كسب بالسيادة ثانيةً . وفعل تم الاتفاق بينهم وتحالفا وتعاقدا وتعاهدا على الكتاب والسيف وكتبوا بذالك حجة واتفقوا مع على بك انه اذا تم له الامر اعطى لصالح بك جهة قبلى قيد حياته وقبل صالح بك الانضمام لصفوف على بك اللى سُر كثيراً بده الاتفاق اللى سيكفل له الحصول على اكبر قدر من الأموال و الرجال و العتاد من شيخ العرب همام .

و قد وعدهم على بك بأنه إذا ما تم له النصر ثبت صالح بك فى حكم ولاية جرجا مدى الحياة أى ثبت نفوذ شيخ العرب همام و سلطته فى الصعيد مدى الحياة كمان فصالح بك كان الحاكم لجرجا شكل و لكن النفوذ الحقيقى بيها كان لشيخ العرب همام و بمساعدة صالح بك و بمعاونة شيخ العرب همام تقدم على بك فى طريقه لالقاهرة بجيش جرار قابل بمنافسيه شمالى بنى سويف فى سنة 1767 م دارت المعركة الفاصلة اللى انتصر فيها على بك نصراً تام و دخل القاهرة ثبُتت أقدامه دى المرة فى إمارة مصر و ابتدا فى تنفيذ سياسته اللى كانت ترمى لقتل المتمردين و قطع المعاندين و قد ابتدا دى السياسة بالقضاء على حسين بك كشكش و زميله خليل بك سنة 1768 م بعدين التفت لصالح بك حليفه اللى سانده فى صراعه الهام ضد منافسيه و اللى كانت له بمساعدة صديقه شيخ العرب همام اليد الطولى فى حصول على بك على نصره المؤزر على زملاته قام على بك بالغدر بصالح بك بأن أغرى بعض أتباعه فاغتالوه ليلا وقت سيرهم معه بعد خروجهم من اجتماع ضمهم وعلى بك فى بيته و ذلك فى نهاية سنة 1768 م و بكده تخلص على بك من آخر و أقوى الأمراء المماليك اللى كان ممكن أن ينافسه على مشيخة البلد ولعل أهم الأسباب اللى جعلت على بك يعجل من التخلص من صالح بك خوفه من خطورة صالح بك لاستناده لحليفه القوى المسيطر على الصعيد شيخ العرب همام .

إنقلاب على بك الكبير على الخلافة العثمانية وتحالفه مع روسيا والبندقية

بعد ما استقرت الأمور لعلى بك فغدا سيد مصر الفعلى تطلعت نفسه للانفراد بشئون الحكم فى مصر كلها اللى هيا فى اصل تابعة للخلافة العثمانية و كان عليه أن يقضى على ما بقى من قوة الحامية العثمانية فى مصر فهى و إن كانت ضعُفت و  بقا معظم رجالها من أرباب الحرف لكن الحامية كانت موجودة و لحد يستطيع الانفراد بحكم مصر فعليه أن يقضى على كل قوتها وفى سبيل ذلك اتبع سياسة التخلص منها بإهلاك رجالها فى الحروب الداخلية ومنع العناصر غير المرغوب فيها من ظباطها من التزام الأراضى ومصادرة أموال البارزين من قادتها أو إعدامهم .

نقلت المخابرات الروسية تطلعات وطموحات شيخ البلد على بك الكبير للقيادة الروسية اللى كانت فى حالة حرب طويلة مع العثمانيين، فقررت الاستفادة من كده الرجل الطموح علشان تمزيق جسد الدولة العثمانية بإحداث الفتن الداخلية بيها وفى جزيرة باروس تم لقاء بين الروس ومبعوثين على ايد على بك الكبير وفيه وضعت اللمسات الأخيرة لخطة شريرة تقوم على أساس أن يتحرك على بك الكبير من مصر ليستولى على الشام بمساعدة ظاهر العمر أو الظاهر عمر و هو والى عكا على أن يقوم الأسطول الروسى فى البحر الأبيض بتوفير غطاء حربى للحملة على الشام بعدين تكون الخطوة اللى بعد كده أن ينقض على بك الكبير على الأناضول من الجنوب على أن ينقض الروس من الشمال فتسقط الدولة العثمانية، و كده نرى أن على بك الكبير كان خائن عميل باع دينه و إخوانه علشان ملك الدنيا الزائل.

من جهة إخرى كان على بك الكبير يطمع فى أن تمتلك جمهورية البندقية جزر الدولة العثمانية فى البحر المتوسط وبعت إلى جمهورية البندقية يعرض محالفته ومساعدته ليها علشان تكون قاعدة حربية له ..فردت جمهورية البندقية شاكرة ومعتذرة .!! وقام بدى الرسالة يعقوب الارمنى واحد من معاونى على بك الكبير ....

وفى دى السنة ورد الى مصر طلب الباب العالى 12 الف نفر لمحاربة روسيا فعطل على بيك تنفيذ ده الطلب ووقعت الفتنه بين المماليك والباشا فورد فرمان شاهانى بقتل على بك وارسال رأسه الى الاسيتانة لكنه لم يفد علم على بك به وتربص بحامله ورفاقه الاربعة واتقتلوا بامر على بك الكبير ..

و بعد ما انفرد على بك بالسلطة فى مصر وقبض على زمام الامور فيها وقضى على المتمردين و المنافسين له من البكوات المماليك و بعد ما شل نفوذ الحامية العثمانية بمساعدة حلفاءه الروس وركز السلطتين الإدارية و الحربية فى يده بقا فى مركز يسمح له بالقضاء على آخر القوى الخطيرة اللى ممكن أن تهدد سلطانه و نفوذه و هيا القبائل العربية المنتشرة فى الوجهين القبلى و البحرى و قد أظهر على بك أن بمحاولته القضاء على سلطة تلك القبائل إنما يهدف لإقرار الأمن الداخلى .

لكن الحقيقة كانت خلاف ذلك فقد كان على بك يهدف من تحطيم سلطة القبائل العربية فى مصر لدعم مركزه وفرض سيطرته الخالصة على مصر كلها . و بعد ما تخلص على بك من أخطر عرب الوجه البحرى اتجه للقضاء على عرب الهوارة بالصعيد واستخلاص الصعيد من أعظم مشايخ العرب قدرا و نفوذا و أتباعا و هو شيخ العرب همام بن يوسف الهوارى .

المواجهة الاخيرة بين شيخ العرب همام وعلى بك الكبير

سارع على بك ببدء النزال ضد شيخ العرب همام عقب التخلص من صالح بك القاسمى فوجه على شيخ العرب همام حملة بقيادة محمد بك أبى الذهب سارت لالصعيد فى سنة 1768 م لفرض شروط على بك على شيخ العرب همام و هيا الشروط اللى كانت تقضى بأن يقصر شيخ العرب همام منطقة نفوذه و سيطرته على أراضى الصعيد ابتداءاً من برديس أى أن يقصر شيخ العرب همام نفوذه فى المنطقة اللى يتركز فيها الهوارة فى قنا و أسوان بس مش على الصعيد كله و كان على بك وقتها فى مركز يسمح له بتحدى شيخ الصعيد و إملاء أوامره عليه فقد بقا على بك الكبير شيخاً للبلد و سيد مصر الفعلى و كانت الدلائل كلها تشير لأنه ها يكون الحاكم المطلق لمصر كلها لذا آثر شيخ العرب همام الخروج من الجولة الأولى بدون اشتباك كان يُدرك مقدم أنه سيخسره وقبل شيخ العرب همام شروط على بك بتحديد منطقة نفوذه إبتداء من برديس و ترك الأراضى الواقعة شمالها لالمنيا و اللى كانت على ايد تحت سيطرة شيخ العرب همام لعلى بك يتصرف فيها كما يشاء و لا شك أن شيخ العرب همام قبل دى الشروط بدون مقاومة وانسحب مؤقتاً لحد يجد له منفذ آخرلكن كلا الطرفين ماكانش ينوى حقيقةً تنفيذ ده الاتفاق فقد بقيت تلك الأراضى فى التزامات شيخ العرب همام و كان قبول شيخ العرب همام للاتفاق ما هو إلا تقديراً منه لخطورة الموقف بس و قوة الخصم اللى يقف قدامه فآثر الانسحاب ريثما يعيد النظر فى موقفه ولكى يُغرى همام محمد بك أبو الذهب بالرجوع ممكن ليستميله و يجعله يُثنى على بك عن نية القضاء عليه تنازل له عن التزام ناحية برديس هدية من شيخ العرب همام لمحمد بك أبو الذهب بدون ما يقبض ثمن لده التنازل بمناسبة مولود اتولد لمحمد بك و قد كانت تلك هيا الجولة الأولى بين شيخ العرب همام و على بك والجولة اللى أكدت لشيخ العرب همام أن على بك قد عقد العزم تمام على القضاء عليه وعلى سيطرته الواسعة على الصعيد .

لم ينخدع على بك بالانسحاب الهادئ اللى قدمه شيخ العرب همام بتنازله الظاهرى عن أراضيه كما لم ينسَ على بك أيضاًالشكوك اللى ما زالت تؤرقه من ناحية شيخ العرب همام و ما يربط شيخ العرب همام من صلات الود بالدولة العثمانية نفسها،التى سمحت له بمد نفوذه على الصعيد من المنيا لأسوان بإذنها واستأنف على بك الصراع لحد لا يترك لشيخ العرب همام أى فرصة للتفكير أو العمل فبعت ليه يطلب منه طرد الأمراء المماليك المعادين له و المقيمين بأراضيه عربون لإقراره لشروط الاتفاق اللى جرت بينه وبين محمد بك أو الذهب و هنا تأكد شيخ العرب همام بما لا يدع مجال للشك من رغبة على بك فى القضاء عليه و أنه لن يتركه يهنأ بما كان له من سيطرة و نفوذ فى الصعيد لذا قررشيخ العرب همام فى دى المرة أن يقوم بعمل إيجابى لمقاومة محاولة على بك للقضاء عليه لكنه لم يُعلن عداءه صراحةً لعلى بك ولم يقاومه وجهاً لوجه لجأ شيخ العرب همام لالأمراء المماليك خصوم على بك و الموجودين فى أراضيه ومعظمهم من اتباع صالح بك اللى قتله على بك غدراً وكانوا يمثلو عدداً كبيراً من الأمراء و الأتباع فجمعهم شيخ العرب همام واتفق معاهم على أن يتقدموا للاستيلاء على أسيوط وانتزاعها من أتباع على بك تمهيداً لتقدمهم لالقاهرة لإجلاء على بك عنهاوالقضاء على حكمه لمصر واسترجاع ما كان لهم من نفوذ و سطوة على أن تبقى له سيطرته على الصعيد وفعل وافقه الأمراء على ذلك فأمدهم شيخ العرب همام بالرجال من كبار الهوارة ومن أهالى الصعيد فتَكون لهم جيش كبير قدم له شيخ العرب همام كل ما يحتاج ليه من أموال و ذخائر و مؤن .

معركة اسيوط الفاصلة وخيانة الشيخ اسماعيل

تقدم الأمراء حلفاء شيخ العرب همام بالجيش باتجاه أسيوط و بالفعل تمكنوا من الاستيلاء عليها ووصل الخبر لعلى بك اللى كان قد بعت حاكم جديداً لجرجا و هو أيوب بك و أمره بالتوجه لجرجا لتولى منصبه وبالفعل خرج أيوب بك باتجاه جرجا ومعه عدد كبير من الجند والأتباع ولكنه وجد الصعيد فى قبضة شيخ العرب همام وحلفاءه ووجد أن سلطان على بك على مصر مهدد بالخطر من شيخ العرب همام وحلفائه فبعت يطلب مدداً من على بك لمواجهة الموقف و قد أدرك على بك أهمية المعركة القادمة و أنه لتثبيت سيادته على مصر لابد و أن ينتصر فى دى المعركة و لابد أن يقضى نهائى على شيخ العرب همام اللى بقا مصدراً للخطر الدائم اللى يهدد نفوذه و بقائه فى الحكم لذا جهز على بك و بسرعة فائقة جيشاً ضخم حشد فيه مع جنده من المماليك،مجموعة كبيرة من رجال الفرق العسكرية كلهاوعلى رأسهم اثنان من بكواته اللى يثق بهم وهما خليل بك القاسمى وابراهيم بك و بعت ده الجيش بسرعة للانضمام لجيش أيوب بك حاكم جرجا لمحاربة شيخ العرب همام وحلفائه .

وقد حشد على بك عند المعركة كل قواه فلم يكتف بما بعتهلكن لجأ الى حلفاءه الروس وامدوه باسلحة جديدة ومدافع وبعت حملة ضخمة بقيادة قائده محمد بك أبى الذهب ومعه رضوان بك ومجموعة من الأمراء أتباع على بك،وضمت دى الحملة أعداد ضخمة من المماليك و المرتزقة وانضم الجميع لجيش أيوب بك اللى كان قد عسكرخارج أسيوط اللى كانت ما تزال فى أيدى حلفاء شيخ العرب همام . وتقديراً من على بك لأهمية ده الصراع وخطورة دى المعركة استمر فى ارسال الامدادات و الذخائر المتوالية لرجاله اللى أصبحوا يكونون جيشاً ضخم،يتكون من 3 جيوش هيا :

جيش أيوب بك

و جيش خليل بك

و جيش محمد بك ابو الدهب اللى تزعم الجميع

و قدام أسيوط دارت المعركة الحاسمة اللى كُتِبَ النصر فيها لقوات على بك بعد قتال عنيف قُتِلَ فيه الكثيرون من أعداء على بك من أمراء المماليك و فرت فلول المهزومين لفرشوط مقر شيخ العرب همام و قد كان من الطبيعى أن ينتصر رجال على بك على حلفاء شيخ العرب همام فقد كان رجاله يمثلو قوة الدولة و قد هيأ لهم على بك الوسايل اللى تضمن تفوقهم من تزويدهم بالأعداد الهائلة من الرجال و الأموال والمؤن و الأسلحة فى الوقت نفسه كانت قوة شيخ العرب همام أقل عدداً و أضعف استعداداً علشان حلفاءه من المماليك لم يكونوا اكتر من جماعة من الأمراء اللاجئين لالصعيد بعد فقدهم كل قواتهم و ثرواتهم اللى جردهم منها على بك وما قدمه لهم الشيخ همام من رجال ماكانش لهم من المهارة الحربية من التدريب و التسليح وحسن الاستعداد ما يضمن لهم الغلب الجند المماليك و الطوايف العسكرية التانيه اللى كانت تتألف منها قوات على بك .

وبعد انتصار على بك على حلفاء شيخ العرب همام و رجاله فى معركة أسيوط أمر قائده محمد بك أبى الذهب

بالزحف فوراً لفرشوط لمحاربة همام و القضــاء عليه . أطاع محمد بك أبو الذهب أوامر على بك وبدأ بالزحف فوراً لفرشوط لمحاربة شيخ العرب همام و القضــاء عليه و قبل ما يجد شيخ العرب همام مخرجا من ده الموقف و قبل ما يتقدم برجاله لمواجهة جيش محمد بك لجأ محمد بك لسلاح العصر و هو سلاح الخيانة و الخديعة فأغرى ابن عم شيخ العرب همام الشيخ اسماعيل أبو عبد الله بخيانة بن عمه شيخ العرب همام و أخذ يستميله واعداً إياه برئاسة الصعيد بدل شيخ العرب همام إذا ما تقاعس عن القتال فى صفوف شيخ العرب همام و نشر فكرة التخاذل بين جنده و بدى الوعود البراقة استثار محمد بك جوانب الضعف الإنسانى و الأنانية الشخصية اللى جعلت الشيخ اسماعيل ينخدع بحيلة أبى الذهب و يخون ابن عمه شيخ العرب همام،و يتراجع عن القتال معهلكن و يضم لصفوفه الكثيرين من رجال شيخ العرب همام و يظهر ان شيخ العرب همام كان يعقد أهمية كبيرة على وجود ابن عمه ده بين صفوفه لذا قصمت الخيانة ظهره وفتت فى عضده إذ أدرك أنه لن يبقى له شئ بعد ما خانته عشيرته وتخلى عنه أقرب الناس ليه لده أدركه حزن قاتل ومرارة وحسرة عظيمة بخيانة بن عمه الشيخ اسماعيل اللى ضاعت بسبب خيانته دى كل آمال شيخ العرب همام وتحطمت إمارته وزال ملكه .

النهاية الحزينة لشيخ العرب همام

خرج شيخ العرب همام من مقر حكمه فرشوط و إتجه جنوباً إلى إسنا بعد ان قصمت الخيانة ظهره و فتت فى عضده إذ أدرك أنه لن يبقى له شئ بعد ما خانته عشيرته وتخلى عنه أقرب الناس ليه لده أدركه حزن قاتل و اضطر لالتقهقر و خرج من مسقط رأسه وموطنه وعاصمة نفوذه و مجده فرشوط ومات ( مكموداً مقهوراً قرب إسنا ) فى أول نوفمبر 1769 م و كان فى نحو الستين من عمره .

وبعد خروج شيخ العرب همام من فرشوط دخلها محمد بك أبو الذهب ورجاله ونهب ما بيها من أموال شيخ العرب همام و أخذ ما كان بدياره وديار أقاربه و أتباعه من ذخائر وغلال بعدين رجع لالقاهرة و بصحبته درويش اكبر أولاد شيخ العرب همام اللى قدمه الهوارة و أشاروا عليه بمقابلة محمد بك ففعل . وقام على بك بتوزيع أراضى الصعيد بين الملتزمين و تعرض ولاد الصعيد لأنواع كتيرة من المظالم اللى كان يتعرض ليها الفلاحون من باقى اماكن مصر من نهب الأعراب و ظلم الملتزمين و إثقال كاهلهم بالضرائب الجائرة

وبوفاة شيخ العرب همام انتهت تلك الشخصية الفريدة فى عصرها وتقرر النصر النهائى لعلى بك اللى تخلص من آخر قوة كانت تؤرق مضجعه وتقف عقبة فى سبيل فرض سيادته الخالصة على الصعيد فغدا على بك بوفاة شيخ العرب همام سيد مصر كلها و صاحب النفوذ المطلق فيها .

يقول المؤرخ المصرى احمد محمود عمر عن مكان دفن شيخ العرب همام إنه وفقا للوثائق التى لسه باقية، همام شيخ العرب بعد هزيمته من المماليك اتجه لالمطاعنة وعاش بيها مدة تقترب من 5 أشهر قضاها فى دواوين أصدقائه وهم الشيخ عمر تركى والشيخ حسن سليم اللملومى اللى كانا يقيمان فى قرية أصفون المطاعنة أما فى قرية كيمان المطاعنة التى مات فيها فكان يقيم عند الشيخ محمد معمر القاضى، وكمان عند الشيخ الشافعى عسكر والشيخ حسن سعد صالح، وعلى حمد تميم من قرية طفنيس و كانت العائلات تتصارع فيما بينها لتنال شرف الحصول على وقت لضيافة عالى المقام الجناب الأعظم شيخ العرب همام كما أن إقامته ما كانتش على الدوام استضافة من عربان المطاعنةلكن كان يتكفل بحاشيته التى جت بعده و لسه أحفادها باقين فيها لحد دلوقتى .

مدفن شيخ العرب همام

وأوضح الشيخ عمر أنه وفقا لكتابات المؤرخين، عن الأيام الأخيرة فى حياة شيخ العرب همام وموته فإنها تذكر أنه مات فى ناحية إسنا ودفن فى قرية قامولا ومابين إسنا وقامولا مسافات كبيرة لكن تحليلى فى ضوء انتفاء وندرة

الأدلة والوثائق رواية أهل قمولا أقرب لالواقع وممكن يكون الشيخ مات بالفعل فى كيمان المطاعنة وحاول أهله دفنه فى فرشوط مسقط رأسه مستخدمين المركب الذهبى فى نقله لكنه تعطل قدام قرية نقادة واتدفنه فيها...

كان شيخ العرب همام رجل عظيم وصاحب شخصية جديرة بالبحث والدراسة ولو لم تتحالف عليه قوة اكبر من طاقته ناهيك عن خيانة بن عمه الشيخ اسماعيل له لكان له فى تاريخ الصعيد شأن اعظم واكبرو ده كان عليه ...

وظلت ذكرى شيخ العرب همام محفوظة على ألسنة كثيرين فى أشعار ومواويل اتأثر أصحابها بانهيار حلم الفارس الهوارى يقول الشاعر فى موال

قم يا همام وروح سنار ** وازرع وقوت عيالك

فرشوط قادت عليك نار ** والبيه عندى وجالك

فى الأبيات السابقة ينادى الشاعر على شيخ العرب همام متمنيا لو كان قد اتجه لمملكة سنار فى السودان بعيدا عن فرشوط وغضب البيه محمد بك ابو الدهب هيا الحسرة اللى استخدمها الشاعر فى موال آخر ينعى ذكرى قصر الأمير همام اللى قيل انه ضم 90 اوضه وتخرب على ايد محمد بك أبو الدهب رجل السلطة المملوكية

هياك يا باب هياك ** بس ضبتك غيروها

تسعين أوضة وشباك ** فى تلا يلك كسروها

منذ تلك الفترة فضلت صورة الفارس الهوارى تمثل نموذجا للفارس المحارب عدا ذلك قد تنتشر أبياتا مجهولة حفظتها الذاكرة الشعبية تمدح فى فروسية الهوارة من أشهرها الأبيات اللى بعد كده

انظر الى خيل هوارة ترى عجبا ** فيسيرها لما يسرى بيها الساري

لم تفخر الخيل قط براكبها ** ما ماكانش فوق السرج هواري

و كده إنتهت دى الملحمة البطولية الشعبية اللى كان بطلها شيخ العرب همام الهوارى عظيم بلاد الصعيد والكهف الاظل اللى كان يحمى أهله ويظلهم ويعدل بينهم فمازال باقى فى قلوب ابناء الصعيد عامة وقبائل الهوارة خاصة

وفى ذاكرة الامة المصرية ...

وما كان قيسٌ هُلْكه هُلْكُ واحد ** ولكنّـه بُنيانُ قومٍ تهدّمـا

اولاده

  1. درويش : اللى عين بعد والده لكن لم يفلح ,و رحل عنها تاركا خلفه الدمار والخراب اللى سببه المماليك, راكبا باخـرة الـى مصـر جاليـًا عـن وطنـه وعاش بيها لحد مات.
  2. شاهين: قتله مراد بك فى سنة 1801 ايام الفرنسيس لامور نقمها عليه وخلف ولدًا يدعى محمدًا.
  3. عبد الكريم: مات على فراشه قريب من كده التاريخ وترك ولدًا يدعى همام دون البلوغ وهمام ترك ولدا اسمة حسان غادر فرشوط واتجة الى الأقصر و هو جد عائلات الهمامية هناك.

وكان شاهين وعبد الكريم يزرعان بارض الوقف اسوة بالمزارعين ويتعيشون لحد ماتا.

شوف كمان