صندوق الدين العام المصرى
انشئ صندوق الدين بمصر بعد عجز الخديوى اسماعيل عن سداد أقساط ديون بلاده المستحقة للبنوك الأوروبية.
| ||||
---|---|---|---|---|
تعديل |
صندوق الدين Caisse de la Dette فى مصر كان لجنة دولية اتأسست بمرسوم من الخديوى إسماعيل فى 2 مايو 1876 للاشراف على سداد الحكومة المصرية ديونها للحكومات الاوروبية، اللى تراكمت فى عصر إسماعيل. و كان الصندوق فى البداية يرأسه أمين وثلاثة مفوضون يمثلو حكومات النمسا-المجر، فرنسا و ايطاليا.
ومن سنة 1877، المملكه المتحده. واتلغى الصندوق باتفاقية ثبعيده بين الحكومتين البريطانية والمصرية، فى 17 يوليه 1940، بسبب اهتمام الحلفاء بتحسين علاقاتهم بالقاهرة وقت الحرب العالميه التانيه.
كان الخديوى شعر بارتباك الحالة المالية ، وخطورتها, وما يجر ليه سخط الماليين والأوروبيين من العواقب ،فأراد استرضاء الدائنين بوضع نظام يكفل لهم استيفاء ديونهم, فطلب لوكلاء الدائنين بمصر وضع النظام اللى يرتضونه .
فقدم وكلاء الماليين الفرنسيين مشروع بإنشاء صندوق الدين وتوحيد الديون ، أما الماليون الإنجليز فإنهم لم يشتركوا فى المفاوضات ، انتظارا للخطة اللى ترسمها الحكومة.
بلغت ديون مصر عنن وفاة سعيد باشا 11 مليون و مائة و ستين ألف جنيه مصرى.
ولما تولى إسماعيل الحكم واصل سياسة الاقتراض للصرف على مشاريعه الكبرى الأمر اللى أقلق أصحاب الديون من البنوك الأوربية و المرابين على ديونهم ، و لجأوا إلى حكوماتهم للقيام بالإجراءات اللازمة تجاه الحكومة المصرية لسداد الديون.
كانت انجلترا فى مقدمة الدول اللى استجابت لضغط الدائنين و رأت فى ذلك فرصة لتحقيق أطماعها السياسية فى الاستيلاء على مصر و اللى كانت عندها من أيام الحمله الفرنسيه 1798 م و حملة فريزر 1807م و خاصه بعد افتتاح قناة السويس للملاحة.
و من هنا استغلت انجلترا أصحاب الديون للتدخل باسمهم فى شئون البلاد لتحقيق الغرض النهائى و هو الاحتلال. أضطر اسماعيل تحت ضغط الدول الدائنة و بالتنسيق مع حكوماتهم إلى استقدام بعثة كييف 1875 م من بريطانيا للمعاونة فى حل الأزمة المالية. فدفع ده فرنسا إلى ارسال خبير باسمها هو المسيو فييه للمعاونة كمان حتى لا تنفرد انجلترا بالأمر.
و استرضاء للدائنين طلب اسماعيل منهم وضع النظام اللى يرتضونه، فقدم الجانب الفرنساوى مشروع إنشاء صندوق الدين و توحيد الديون ، فصدر مرسوم بإنشاء الصندوق فى 2 مايو 1876 م و تحددت مهمته فى أن يكون خزانة فرعية للخزانة العامة تتولى استلام المبالغ المخصصة للديون من المصالح الحكومية مباشرة.
و تداعت مظاهر التدخل ففى 11 مايو 1876 م أصدر الخديو مرسوم بإنشاء مجلس أعلى للمالية من عشرة أعضاء نصفهم من الأجانب ، و فى 18 نوفمبر من سنة 1876 م أنشئت المراقبة الثبعيده على المالية المصرية لاثنين انجليزى و فرنساوى هم اللورد كرومر من انجلترا و ارنست دى بلينير من فرنسا.
و بالرغم من وجود الرقابة الأجنبية سارت الأمور من سيء إلى أسوأ، و اتهمت إدارة المراقبة المالية الخديو اسماعيل أنه يقيم العقبات فى سبيل انتظام الشئون المالية. و أقترح الرقيبان تأليف لجنة عليا أوروبية للتحقيق فى اسباب العجز فى أبواب الإيرادات. و تم انشاء اللجنة فى 27 يناير 1878 م ، و تلا ذلك مرسوم آخر فى 30 مارس 1878م بتعميم اختصاص اللجنة ليشمل المالية بكل عناصرها.
و فى النهاية ضغطت الحكومات الأوروبية على السلطان العثمانى لعزل الخديو اسماعيل، و بالفعل أصدر السلطان العثمانى عبد الحميد فرمان العزل فى يونية 1879 م ، و كان على اسماعيل أن يغادر مصر إلى أى جهة يريدها فأختار ايطاليا.
بلغت ديون مصر عند عزل اسماعيل 126 مليون و 354 ألف و 360 جنيهاً. و فضل اسماعيل فى ايطاليا شوية سنين قبل ما ينتقل للعيش بـ سراى أميرجان المطلة على البوسفور فى استانبول، فأنتقل ليها هو و أبناؤه و منهم الأمير أحمد فؤاد اللى سيصبح ملك على مصر بعدها.
خلف إسماعيل ابنه الاكبر توفيق على مسند الخديوية، و بكده أنقضت فترة مزدهره من تاريخ مصر و ابتدت فترة تانيه كئيبة ابتدت بالديون و أعقبها الاحتلال الإنجليزى وبعدها الحرب العالميه الاولى و ما صاحبها من فرض الحماية البريطانية على مصر تلتها الحرب العالميه التانيه و ما أعقبها من حرب فلسطين.
كانت الرغبة فى التخلص من اسماعيل كانت كبيرة عند الأوروبيين، فبعد افتتاح قناة السويس للملاحة و هيا الشريان المائى الاستراتيجى اللى يربط الدول الأوربية بمصادر المواد الخام فى دول جنوب شرق آسيا، و بعد توسعات اسماعيل فى شرق افريقيا و اصطدامه بأطماع الأوربيين هناك، وكمان مشروعات اسماعيل العملاقة فى مصر و اللى تحولها إلى دولة رائدة فى المنطقة، كل ده جعل الأوروبيين و على رأسهم انجلترا يبحثون عن الثغرات للتدخل فى مصر ، و كانت أزمة الديون هيا الثغرة اللى نفذوا منها.