التأريخ
التأريخ (انجليزى: Historiography) هو علم كتابة التاريخ يعنى الحوادث و الوقائع اللى حصلت فى الماضى. التاريخ علم ضرورى للافراد و الشعوب على حد سواء، الفرد لازم يعرف نفسه بمعرفة ماضيه و الشعوب لازم تعرف تاريخها عشان تقدر تربط حاضرها بماضيها و تبقى جديره بالحياه. التأريخ او كتابة التاريخ عمليه صعبه و معقده لإن ليها جانب علمى منهجى و فى نفس الوقت ليها جانب فنى و أدبى و عشان كده المؤرخين الكبار كانو متفوقين علميأً و ادبى وبتعتبر كتبهم المليانه معارف تاريخيه كتب ادبيه كمان.
| ||||
---|---|---|---|---|
بيمارسه | مؤرخ | |||
تعديل |
أهم حاجه فى التأريخ إن المؤرخ لازم يكون دقيق جداً و لازم يبذل كل طاقته عشان يكون الكلام اللى بيكتبه مظبوط و امين و عادل و محلد من النزعات السياسيه و الدينيه بالذات عشان يقدر يوصل للحقيقه بقدر المستطاع. التاريخ مش علم تجربه و اختبار لكن علم نقد و تحقيق، التاريخ و الجيولوجيا زى بعض من انهم بيدرسو اثار الماضى و مخلفاته لكن المؤرخ بيختلف عن الجيولوجى ان المؤرخ بيدرس العامل البشرى اللى بيدور التاريخ حواليه بكل اللى فيه من اراده و انفعال و ميول خاصه.
صفات المؤرخ الناجح
اول صفه للمؤرخ الناجح هى صفه عامه لازم تكون متوافره فى كل الباحثين فى كل العلوم و هى حب الدراسه و الصبر عليها ولو لحد اخدت سنين لإن التعجل فى الكتابه بيأدى لطمس الحقايق التاريخيه. من ناحيه تانيه المؤرخ لازم يكون بيحب شغلته و متفرغ ليها ولازم يكون امين و شجاع و مش منحاز و ما يكذبش بإختلاق قصص و ما ينافقش عشان يرضى أى حد و يكتب بصوره موضوعيه خالصه على اساس النصوص و الوثائق اللى قدامه بس. التاريخ علم نقد و تحقيق و عليه فالمؤرخ لازم يكون ناقد نافذ البصيره له قدره على تحليل كل وثيقه تصادفه و فى نفس الوقت لازم تكون عنده قدره على فهم و تفسيرالنوازع و الدوافع.. زى فى كتابة تاريخ مصر عن طريق العرب و كتير من كتاب التاريخ المصريين فى العصر الحديث بيتلاحظ انهم بيخفو حاجات و بيبدلو حاجات بحاجات عشان يرضو نوازع دينيه و سياسيه و دى حاجه ما كانتش موجوده بالشكل ده عند مؤرخين مصر فى العصور الوسطى، و بكده مؤرخين معاصريين كتير بدل ما بيكتبو تاريخ بيكتبو خرافات مضره بتفصل شعبهم عن الواقع التاريخى و لدرجة انها بتفقده هويته و بتحيره هو ايه بالظبط مع ان لو كتاب التاريخ دول اتبعو الدراسه المنهجيه السليمه و أرخو تاريخ مصر بطريقه مسلسله حسب الوثائق و النصوص اللى متوافره قدامهم من غير حذف و نط فوق العصور، زى ما يكون تاريخ مصر كل شويه يقف و بعدين يشتغل تانى، مش حا يغلب عليهم يعرفو المصريين ايه بالظبط و مش حا يساهمو فى تضييع الهويه المصريه و تبديلها بهويه مزيفه زى ما بيعملو.
تقى الدين المقريزى عميد مؤرخين مصر حذر من تزييف و بتر التاريخ عشان المؤرخ يرضى هواه او هوى الحكام ، و كتب " فتفطن، رحمك الله، الى أسرار الوجود، وميز الأخبار كتمييزك الجيد من النقود، تعثر إن سلمت من الهوى بالصواب ... فحكم العقل، واهزم جيش الهوى، و أعط كل ذى حق حقه".
تاريخ كتابة التاريخ
فكرة التأريخ بوضعها الحالى بتعتبر فكره جديده بتدور حوالين اربع محاور هى : 1- ان التاريخ علم زى أى علم بيحاول يجاوب على اسئله معينه. 2- ان التاريخ بيتصل بمجهود الانسان فى الماضى. 3- ان طريقة التاريخ هى تفسير الوثائق التاريخيه. 4- ان التاريخ بيهدف لتعريف الانسان بذاته.
فكرة التاريخ بمحاورها الاربعه ما كانتش موجوده فى كل العصور، فزمان عند قدماء المصريين و السومريين زى كتابة التاريخ كانت عباره عن النقوش الرسميه او شبه الرسميه المقصود منها احياء ذكرى ملك او تمجيد اله او انتصار فى حرب. فى اوروبا فى العصور الوسطى المؤرخين كانو فى العاده قسسه و الناس كانو بيبصو للتاريخ على انه من فعل القدر او الرب. الطرق دى طبع ما بتديش تاريخ حقيقى و ان كانت بتدينا صور بتتصل بالتاريخ فى نواحى معينه، و ما بتعتبرش تأريخ علمى لانها ما بتجاويش على اسئله محدده ما بيعرفهاش الكاتب و انما هو كان بيسجل حاجات كان اصل عارف انها حقيقه، و فوق كده الحاجات دى ما كانتش بتعتبر فى العاده من فعل الانسان لكن من فعل الالهه و الانسان كان فيها مجرد اداه وبكده كانت و لا تاريخيه من الطريقه لانها ما كانتش بتعتمد على وثائق، و لا كانت تاريخيه من قيمتها لانها ما كانتش بتهدف لإن الانسان يعرف نفسه لكن كانت بتخدم معرفة الانسان بالالهه. بالشكل ده الكاتب ما كانش بيكتب تاريخ لكن كان بيكتب عن الدين و الالهه. بالنسبه للمؤرخين و الباحثين فى العصر الحديث بتعتبر الكتابات دى وثائق تاريخيه بيعتمدو عليها فى كتابة التاريخ بالصوره الحديثه.
الاغريق
مراحل تطور التأريخ نبعت فى الاصل من منطقة الشرق الادنى القديم ببساطه لإن تاريخ البشريه ابتدا فيها. فى المرحله دى كانت الأحداث مرتبطه بالعقيده و كان تقريب الجهد الانسانى مش موجود ، كل الافعال كانت الاهيه. وبكده كان التاريخ فى مرحلته الاولى تاريخ دينى من غير ما يكون ليه مفهوم علمى. التفكير الدينى المخلوط بالاساطير سيطر على تفكير منطقة الشرق الاوسط طول العصور القديمه و تقريب لغاية ظهور اليونان، فى الفتره دى اتكتبت التوراه اللى بتبرز فيها القدره الالهيه فى حياة اليهود. المرحله التانيه ظهرت مع ظهور الاغريق، الاول بإسلوب ملحمى زى فى الالياذه و الاوديسا اللى فيها مجد هوميروس البطوله و الابطال و روح النضال و مشى المؤرخين بعده على الخط ده. و ظهر هيرودوت اللى اتلقب " ابو التاريخ " و بيعتبر اول المؤرخين اليونانيين على الاطلاق. كتب تسع كتب سماهم " التواريخ " و كتب فى مقدمته انه بيدون تاريخه عشان الزمن ما يمحيش اعمال الرجال و عشان الانجازات الرائعه ما تفضلش من غير تمجيد و اعجاب. و ده بيبين ان الاغريق ادركو ان التاريخ علم و بالتالى بيتناول اعمال الانسان زى ما عمل المؤرخ بلوتارك و هو بيكتب " المقارانات ". بالطريقه دى و برغم ان الاغريق ما اتجاهلوش الاساطير الدينيه لكن التاريخ اتجه على ايديهم اتجاه عقلى بيرتبط بالانسان نفسه و تصرفاته من غير دخل جبرى للاراده الالاهيه، فنلاقى المؤرخ الكبير ثوكيديديس بيقول فى مقدمته عن الحروب البلوبونيزيه انه بيكتب عشان الفايده اللى ممكن تحصل من معرفة حقايق الماضى فيبقى ممكن نحط مقاييس سليمه للاحداث المشابهه اللى ممكن تحصل فى المستقبل على اساس طباع البشر المشتركه. ثوكيديديس استند فى كتاباته على الوثائق و قال ان البحث التاريخى بيقوم على المصادر التاريخيه. المؤرخ بوليبيوس من جهته شاف التاريخ على ان ليه هدف مادى يحتم على المؤرخ توخى الدقه العلميه قدر ما يقدر ويحاول يلاقى الحقيقه اللى ميزانها هو مدى تقبل العقل ليها كحاجه مجرده لا دخل بالغيبيات فيها.
العصر الهيلينستى
التاريخ عند الاغريق كان بيخضع للقيد الزمنى و القيد المكانى لكن بعد القرن الخامس قبل الميلاد اتغيرت نظرة المؤرخ للأحداث و ما بقاش بيخضعها للقيد الزمنى. بعد غزو الاسكندر الاكبر ظهرت وحده سياسيه و بقى العالم وحده جغرافيه و وحده تاريخيه. عصر ما بعد الاسكندر اللى اسمه " العصر الهيلينستى " ظهرت فيه الفكره العالميه و بقى ممكن كتابة التاريخ على نمط جديد بيمتاز بالوحده الواضحه وبقو المؤرخين يجمعو الماده العلميه من المؤرخين اللى سبقوهم. المؤرخ بوليبيوس بيعتبر اول مؤرخ يفكر فى كتابة التاريخ بالطريقه دى فكتب عن غزو روما للعالم لكن ابتدا قصته بأحداث اقدم بقرن و نص فأرخ لخمس اجيال مش لجيل واحد.
الرومان
حصل تطور مهم جداً على ايد شيخ المؤرخين الرومان تيتيوليفيوس اللى ابتكر فكرة كتابة التاريخ بالاعتماد على المؤرخين اللى سبقوه و على السجلات اللى اتحفظت فيها مراحل تاريخ روما المبكر. غلبت على المؤرخين الرومان النزعه الماديه النفعيه و كانو بيعتقدو ان تاريخهم هما بس خليق بالتدوين و كتب ليفيوس تاريخه العام للعالم بعد ما روما بقت سيدة العالم كله. روما فى كتابات المؤرخين الرومان كانت اهم محور و كان المؤرخين الرومان بيكتبو كمهمه وطنيه و دى كانت حاجه مضره على البحث الحيادى. لكن الرومان زى اليونانيين اتناولو التاريخ بوصفه دراسه اجتماعيه بتعرض تاريخ الانسان الممثل فى الشعب الرومانى و المجهود اللى عمله و النجاح و الفشل اللى صابوه. الاغريق و الرومان كانو بيؤمنوا بوجود قوه الاهيه مقدسه لكن ما كانوش بيعتبروها بتتدخل فى مجرى التاريخ او بتوجه احداثه بالاجبار.
العصر المسيحى
اتعرض التأريخ لأزمه كبيره مع انتشار التفكير المسيحى. المسيحيه استحدثت فكرتين رئيسيتين، الاولى فكرة التفاؤل بالطبيعه الانسانيه، و التانيه فكرة وجود قيم ابديه خالده بتحرك و بتغير التاريخ. التاريخ فى المسيحيه قدرى بيسيطر على حركته الاله اللى بيوجه الناس. الاحداث التاريخيه فى الفكر ده ما سببهاش حكمه بشريه لكن حكمه قدريه. اهتم مؤرخين العصر المسيحى بحياة المسيح و كانت فى العاده محور الاحداث. من ناحيه تانيه التاريخ بقى تاريخ سنة ما بيهتمش زى بصراع الفرس و الاغريق او روما و قرطاجه انما كان بيهتم بالنتايج بس. نقطة تنظيم التاريخ بقت تاريخ ميلاد المسيح اللى استحدثه ايسيدور الأشبيلى فى القرن السابع بقت كل احداث الماضى و المستقبل بتؤرخ بميلاد المسيح و شاعت فكرة توجيه الاقدار للاحداث و أخبار الكنيسه.
العصور الوسطى
المؤرخين الاوروبيين فى العصور الوسطى رجعو للنمط الهلينستى و الرومانى انهم اعتمدو على المصادر التقليديه اللى بيستنبطو منها الحقايق لكن ما كانوش بينتقدوها او بيحللوها بإسلوب علمى دقيق و كانو بينقلو عميانى. فى العصور الوسطى فى اوروبا ظهرت الصراعات القوميه و بقى المؤرخين بيهتمو بالاعتزاز بالقوميه بدل كتابة التاريخ. و عمت فكرة ان التاريخ قدرى ماشى بمشيئه الاهيه بتنظم كل الاحداث و الانسان فيها مجرد عنصر مهمته اقرار المشيئه الالهيه. مهمة مؤرخين العصور الوسطى بقت بتنحصر فى مهمة الكشف عن الخطه الالاهيه و تفاصيلها. الفكر التاريخى فى الفتره دى اتنقل من دراسه اجتماعيه لدراسه مجرده محدوده بتنبثق من سلطة الكنيسه. و بالطريقه دى كتابة التاريخ فى العصور الوسطى اهملت الدور البشرى فى التاريخ و اتقفلت مجالات النقد و التحليل. الهم الاول بقا دراسة خصايص الذات العليا. لكن بالرغم من كده كتابة التاريخ فى اوروبا فى العصور الوسطى كانت سبب الاحتفاظ بالتسلسل التاريخى جيل ورا جيل من غير انقطاع. انتشرت الكتابات عن تاريخ القديسين و حياتهم بطريقه مبالغ فيها. المؤرخين وقتها كانو قسسة الكنايس و اتسبب العنف الاقطاعى و الكنسى فى ظهور حاجه مفيده هى الوثائق الملكيه و دفاتر الحسابات اللى بقت فى العصر الحديث مصادر تاريخيه مهمه. العصور الوسطى فى الشرق الاوسط كانت مذدهره علمى و ثقافى و كانت فيه حركه تأريخيه مهمه قادتها المدرسه المصريه التأريخيه ما طغتش عليها النزعه الدينيه بالشكل المبالغ فيه اللى سيطر على حركة التأريخ فى اوروبا العصور الوسطى.
الحروب الصليبيه فى العصور الوسطى لعبت دور كبير فى تطوير التدوين التأريخى فى اوروبا. فقبل الحروب الصليبيه كان المؤرخين الاوروبيين بيتبعوا الاساليب القديمه اللى ورثوها من الرومان و اللى فرضها فلاسفة المسيحيه الكاتوليكيه ، فلما قامت الحروب الصليبيه فى أواخر القرن الاتناشر ابتدى المؤرخين الاوروبيين يتحرروا من الاساليب دى و ابتدى كل مؤرخ يكتب عن احداث الحروب دى بطريقته الخاصه فقلت نمطية الكتابه التاريخيه و بقت الأحداث بتتدون بتلقائيه اكتر ، و ظهر كتاب علمانيين بيكتبوا التاريخ بطريقه مختلفه عن التدوين التاريخى الكنسى التقليدى و عن التدوين بطريقة الملاحم الوطنيه و الدينيه اللى كانت بتعتمد على الخيال فى كتابة احداث حقيقيه.
عصر النهضه
مع نهاية فترة العصور الوسطى ابتدا المؤرخين الاوروبيين يطلعو التاريخ من الاطار الدينى اللاهوتى و لما جه عصر النهضه الاوروبيه ابتدا تقييم التاريخ بوصفه دراسه اجتماعيه قايمه على اسلوب علمى و اسس نقديه تحل بعديه و ابتدا تنضيف الماده التاريخيه اللى اتكتبت فى العصور الوسطى من الخرافات. بيتلاحظ فى عصر النهضه ان حكام الدول بقو بيستعينو بالكتاب و الادبا لتدوين تاريخ دولهم فبرز الاسلوب الادبى فى كتابة التاريخ خاصة فى ايطاليا. سيطر المذهب العقلى على الكتابات و بقا هدف المؤرخ مش الوعظ و الترويج الدينى بالخوارق و المعجزات و الخرافات لكن بالتثقيف السياسى. ابتدا التركيز على الدوله كمحور رئيسى و بقوا المؤرخين من رجال الدوله مش قسسة كنايس. و ده بطبيعة الحال انعكس على الكتابات اللى اهتمت ببلاط الملوك و الامرا و النبلا و اهملت الكتابه عن عامة الشعب. اسبانيا و فرنسا و المانيا و غيرها حذو ايطاليا و بقوا هما كمان عندهم مؤرخين رسميين تابعين للدوله فكان راسين مؤرخ فرنسا الرسمى بأمر الملك لويس الاربعتاشر و بعدين بقا ڤولتير، و فى المانيا عين امرا هانوفر الفيلسوف ليبميتز مؤرخ لامارتهم. و فى انجلترا كلاندون و بعده ماكولى بقو مؤرخين الاحزاب و بقت جهودهم منصبه على توضيح المسائل الدستوريه و القضائيه و الاشاده بعظماء الحزب.
عصر التنوير
ڤولتير و معاصره هيوم قادو مدرسه جديده فى التفكير التاريخى و كانو رواد لحركه جديده فى كتابة التاريخ هى حركة التنوير اللى كانت ثوره على الدين اللى بيقيد النشاط الانسانى و جهاد ضد سطوة رجال الدين لتحرير الانسان من كل قيد على فكره و تصرفاته. فى عصر التنوير التدوين التاريخى بقا مرتبط بفكرة البحث التاريخى و ده كان مدخل للتاريخ العلمى. من اسباب التطور ده كانت المناظرات اللى قامت بين البروتستانت و مناؤيهم فظهرت فى بلجيكا طايفه من اليسوعيين عازت تكتب عن حياة القديسين على حقيقتها و بدأو يشككو فى صدق الوثائق القديمه و يظهرو التزييف اللى اتعمل. دى كانت خطوه مهمه كان من توابعها ظهور باحثين وجهو اهتمامهم لنقد الوثائق و بقا النقد ده له اصول و قواعد. و انتشرت النزعه العلميه و ابتدا الفرنساويين يميلو لكتابة التواريخ العلميه و ابتدا الباحثين يهتمو بدراسة اللغات و ظهر كتاب ديكارت Discours de la Methode اللى بقا منهجه قاعده للباحثين و استبعد التاريخ القايم على الدين بس و بقا الشك هو الاساس العام للدراسه و الطريقه الوحيده للوصول للمعرفه. من وقتها بقا هم المؤرخ مش مقصور على دراسة الوثائق و نشرها لكن بقا عليه كمان انه يهتم بالاحداث و كل الوثائق و يناقشها كلها و يعرض نتايجه بإسلوب أدبى.
منهج البحث التاريخى
منهج البحث التاريخى فى تعريف مبسط هو المراحل او الخطوات اللى بيعملها الباحث او المؤرخ عشان يوصل للحقيقه التاريخيه عن طريق فحص و تحليل سجلات الماضى و مخلفاته و تدوينها لتقديمها للناس. قيمة التاريخ اللى بيتقرى فى الكتب بتعتمد فى الاساس على اتساع ثقافة الكاتب و اتقانه لمنهج البحث التاريخى. المنهج التاريخى بيتكون من مجموعه من العناصر : 1- الثقافه الواسعه. 2- اختيار الموضوع. 3- جمع الماده. 4- نقد الماده. 5- ترتيب الحقايق. 6- انشاء الصيغه التاريخيه.
عناصر المنهج التاريخى
كتابة التاريخ بتتصل بأنواع كتيره من المعارف الانسانيه و الباحث اللى ما عندهوش المعارف دى ما بيحسنش كتابة التاريخ. العلوم المساعده اللى بيحتاجها المؤرخ بتختلف حسب موضوع بحثه و العصر اللى بيكتب عنه فمثل دارس التاريخ القديم بيحتاج علوم مساعده غير اللى بيحتاجها دارس تاريخ العصور الوسطى. اللغات من أهم الحاجات اللى بيحتاجها الباحث فمثل اللى بيدرس ناحيه من نواحى التاريخ المصرى القديم ما يقدرش يقدم دراسه كويسه من غير ما يتعلم الهيروغليفى عشان يقدر يقرا النصوص الاصليه بلغاتها الاصليه، و لازم يكون بيعرف اكتر من لغه من اللغات الاوروبيه الحديثه الشايعه لإن اللغات الاوروبيه كلها من جهه غنيه بتراثها التاريخى و من جهه تانيه ابحاث تاريخيه كتيره مكتوبه بيها. علم النوميات و هو علم دراسة الفلوس المسكوكه من العلوم المساعده لإن العملات القديمه بيبقا عليها صور و اسامى آلهه و حكام. الجغرافيا كمان من العلوم المساعده و ده لإن الارتباط بين الجغرافيا و التاريخ ارتباط عضوى لإن الارض هى المسرح اللى اتمثلت فوقيه الأحداث التاريخيه، و جغرافيا اى اقليم ليها اثر كبير على توجيه تاريخه. المؤرخ كمان لازم يكون ملم بعلم الاقتصاد عشان يقدر يفهم مدى تأثير العوامل الاقتصاديه على مسار التاريخ خاصة اذا عرفنا ان كتير من الحروب و الغزوات كان دافعها اقتصادى بحت. الادب بيعتبر كمان من العلوم المساعده لإن ادب شعب من الشعوب هو مراية حياته و حضارته و هو اللى بيعبر عن افكاره و عواطفه الانسانيه. و جنب الادب المؤرخ كمان لازم يكون ملم بفنون الرسم و النحت و العماره وساعات الاثار الفنيه بتعتبر المصدر الوحيد لتاريخ شعب من الشعوب. غير كده ممكن ان المؤرخ يزود نفسه بشىء من علوم المنطق و الفلسفه و الاجتماع و النفس و القانون لانها كلها بتفيده فى البنا التاريخى لموضوع دراسته و فى عمل المقارنات و تفسير الظواهر ب يطلع تاريخه متكامل و وافى.
العنصر التانى من عناصر المنهج التاريخى هو اختيار الموضوع. فى العاده عملية الاختيار بتبقا متصله بميول الباحث و مدى المامه بالعلوم المساعده اللازمه لموضوعه. و بالنسبه للعنصر التالت و هو جمع الماده التاريخيه اللازمه من مراجع و مصادر و كل انواع الاصول. و المفروض ان الباحث يكون ملم بأسامى الاعلام و الاماكن اللى داخلين فى موضوع بحثه و ممكن يعرفها عن طريق الموسوعات و المراجع العامه و الفهارس و كمان من المصادر اللى استعملها غيره من الباحثين. و لازم يدرس كل مسأله من كذا مرجع فى وقت واحد و دى عمليه اسمها "القرأه المقارنه". العنصر الرابع و هو نقد الماده التاريخيه و بيتم فيها دراسة الاصول و تحليلها و العمليه الصعبه دى اسمها " نقد الاصول ". و بتنقسم عملية نقد الاصول على نقد خارجى و نقد باطنى (تحليل الوثيقه او النص التاريخى بدقه) و نقد باطنى ايجابى (دراسة النص من غير هوى شخصى او تزويد رأى شخصى او حذف حاجه) و النقد الباطنى السلبى (تمحيص كل النصوص الاصليه الموجوده و مقارنتها و الشك فى الاقوال المتضاربه لاستبعاد الكلام الزايف). العنصر الخامس هو اثبات الحقايق و ترتيبها و دى المرحله قبل الاخيره فى منهج البحث التاريخى و فيها بيصنف الباحث النتايج اللى وصلها فى عملية النقد. فى العمليه دى ما يصحش ان المؤرخ يحاول يوفق بين الروايات المتعارضه لكن لازم يعمل جهد للكشف عن الروايه الصح فإذا ما قدرش فعليه اثبات الروايات زى ما هى من غير ترجيح.
تقييم الكتابه التاريخيه
المؤرخ لازم ما ينساقش ورا العواطف و النزعه الدينيه او القوميه ودى حاجه بيشجعها التافهين و الديكتاتورين لانهم ما بيعتبروش التاريخ كنوع من انواع المعرفه اللى ليها منهج لكن و سيله لترويج الروح الدينيه او الوطنيه. إرنست رينان Ernest Renan (اتولد 1823 - اتوفى 1892) اهتم بالدين من الناحيه التاريخيه مش من الناحيه اللاهوتيه. و طالب بنقد المصادر الدينيه نقد تاريخى علمى و التمييز بين العناصر التاريخيه الحقيقيه والعناصر الأسطوريه الخرافيه الموجوده فى الكتاب المقدس فانقلبت الكنيسه عليه. من اشهر كتبه " تاريخ نشأة المسيحيه " Histoire des origines du Christianisme اللى بيتكون من 8 اجزاء نشرهم مابين 1863 و 1883.
على الاساس ده معظم الكتابات التاريخيه العربيه الحديثه المليانه بالأكاذيب و الحذف و حجب المعلومات و الخلط الدينى ما بتعتبرش كتابة تاريخ لكن وعظ مقنع بالتاريخ. تقييم كتابة التاريخ كمان بيدخل فيها التقييم الادبى فالمؤرخ لازم يكون قادر على اخراج بحثه بإسلوب كتابى جميل و المؤرخ اللى ما بيجيدش الكتابه بيعتبر مؤرخ ردىء بيكره القارى فى التاريخ. كل المؤرخين الكبار فى العصور القديمه و الوسطى و الحديثه كانو كتاب كويسين متمكنين من اقلامهم. وينستون تشيرشيل الف كتاب تاريخى أخد عليه جايزة نوبل فى الادب.
الهوامش
الهوامش ليها فايده كبيره فى الكتابه التاريخيه و بتعتبر اداة الحكم على اصالة الكتاب او البحث. الهوامش هى الوسيله اللى بتأكد للقارى مصداقية المؤلف و كمان بتديه فرصه انه يزود معلوماته و اهتماماته. الهوامش هى حجة الكاتب و شاهده.
الملاحق
ملاحق البحث هى المكان اللى بيعرض فيه الكاتب الاصول اللى اعتمد عليها و فى العاده بتبقا مراسلات سياسيه او نصوص معاهدات او وصف لشاهد عيان.
الباحث لازم يدون اسامى المصادر و المراجع اللى اعتمد عليها و ممكن كمان يناقشها بإيجاز و لازم يدونها مرتبه ترتيب ابجدى حسب اسامى اصحابها مع تاريخ الاصدار و اسم الناشر و عدد مجلداته. و دى حاجه مهمه و اساسيه فى كتابة أى بحث لانها بتوضح مصداقية الباحث و الجهد اللى بذله و كمان بتساعد الباحثين التانيين.
التأريخ فى الغرب و المنطقه العربيه
التأريخ فى الغرب جزء من النهضه الثقافيه و الحضاريه اللى عمت اوروبا بعد فترة العصور الوسطى من المنطلق ده بيكتب المؤرخين الغربيين فى العصر الحديث بحريه كامله و ما بيلجأووش لإخفاء معلومه او لتزويد معلومه غلط. بطبيعة الحال التأريخ فى المناطق المتخلفه حضارى اللى ما بتنعمش بحرية التفكير و الكتابه على اسس علميه سليمه مش ممكن يكون فيها حركة تأريخ حقيقيه. اللى عازو يبقو مؤرخين فى المنطقه العربيه فى العصر الحديث بغلب كتاباتهم الدعايه الأيدولوجيه و الدينيه و تمجيد حكام و تدليس تاريخى للوصول لنتايج ترضى نزعات سياسيه و دينيه و لدرجة وصلت للخلط بين التاريخ التوراتى و التاريخ العلمى. على الاساس ده معظم الكتابات دى ما بتعتبرش تاريخ و لا تأريخ. كمجرد زى لحالة التأريخ فى المنطقه العربيه، قراية كتاب ستيفين رونسيمان او كتاب للمؤرخ جوناثان ريلى سميث عن الحروب الصليبيه ممكن يغنو عن قراية كل كتب المواعظ المقنعه بالتاريخ اللى اتكتبت فى مصر و المنطقه العربيه بإمتداد العصر الحديث. نصيحة المقريزى عميد مؤرخين مصر بإن المؤرخ لازم يكون حيادى و يحكم عقله و يهزم جيش الهوى و يدى كل واحد و حدث حقه ماتاخدش بيها فى احيان كتيره فى المنطقه العربيه فى العصر الحديث و اتكتب التاريخ بطريقه مبتوره عشان الكاتب يرضى نزعات حكامه و توجهاتهم السياسيه و الدينيه. فى مصر زى اتبتر تاريخ مصر القبطيه و اتخرفت مواضيع و اتخبت احداث. بيقول الدكتور محمد الطالبى استاذ التاريخ الاسلامى إن التاريخ عشان يأدى وظيفته لازم يكون قايم على الحقيقه و إلا يبقى الحاضر و المستقبل مبنيين على مقدمات واهيه، و ان الالتزام بالتاريخ اذا ما كانش فى خدمة الحقيقه فبيجر حتم للتزوير.
شوف كمان
- تاريخ
- مؤرخين مصر فى العصور الوسطى
- مقاله وافيه كمثل مصغر: سقوط بغداد (1258)
مصادر
- محمد عواد حسين (رئيس قسم التاريخ - جامعة الكويت) صناعة التاريخ، فلسفة التاريخ، عالم الفكر، المجلد 5، 1974.
- Herodotus, The Histories, Penguin Books, 1979 هيرودوت
- Plutarch, Lives, Trans. A.H. Clough, The Modern Liberary, New York 2001
- Plutarque, Vies des homme illusters, trad. D. Ricard, Paris 1837