السحر (ويتشكرافت)
السحر بمفهوم الويتشكرافت Witchcraft هو حاله اوروبيه انتشرت فى اوروبا فى العصور الوسطى و وصلت لذروتها فى القرنين الستاشر و السبعتاشر بعد عصر النهضه.
الإعتقاد فى السحر و السحارين ظاهره بشريه موجوده تقريب فى كل حته فى العالم و فى ثقافات كتيره بتمتد من افريقيا لجزر الباسيفيك و من اسيا لامريكا.[1] الانثروبولجيين و السوسيولوچيين ميزوا ما بين السحر بمفهوم " الويتشكرافت " و الانواع التانيه من السحر ، و وضح الانثروبولجى الكبير ايفانز-بريتشارد Evans-Pritchard فى دراسه عن قبيلة الأزاندى .[2] إن السحارين " الويتش " ليهم قدرات ذاتيه مولودين بيها بتمكنهم من اذية الناس. السحار الويتش مش محتاج يعمل طقوس معينه أو يردد كلمات محدده و ما بيستعملش مواد سحريه. عملية السحر ( ويتشكرافت ) عند الازاندى عمليه نفسيه [3]
العناصر المهمه اللى بتميز السحر بمفهوم " الويتشكرافت " ( Witchcraft ) الاوروبى عن السحر بوجه سنة ( " Magic " و " Sorcery " ) هو ان اللى اتهموا بالسحر كانو أغلبهم ستات ، و السحاره كانت ليها قدراتها الشريره الذاتيه اللى ما بتحتاجش ادوات خاصه لسحر الناس و اذيتهم. السحاره كانت بتطير بالليل على مقشه و بتروح تحضر اجتماعات مع السحارات التانيين فى مناسبات بتتسمى " السبت Sabbat " ، و كان عندها قدرات ميتامورفوزيه تمكنها من تحويل جسمها لأشكال كتيره. عدو السحارات كان راجل متخصص فى التعرف عليهم عن طريق " اختبارات " و كان بيتسمى " صياد السحارات " Witch-hunter. كرسى التغطيس كان من الالات اللى بتستخدم فى الإختبارات. الست اللى كان بيتثبت عليها انها سحاره كانت عقوبتها القتل بالحرق أو الشنق. لعبت محاكم التفتيش بتاعة الكنيسه الكاتوليكيه دور كبير فى الترويج لخرافة السحارات. عدد الضحايا من الستات اللى اتقتلوا فى اوروبا و امريكا بسبب اتهامهم بالسحر فى الفتره من حوالى نص القرن الخمستاشر للقرن السبعتاشر كان عدد ضخم حوالى 200.000 [4]، كان من ضمنهم جان دارك اللى اتعدمت بالحرق فى فرنسا سنة 1431 و كان من ضمن تهمها انها سحاره. أخر محاكمه للسحارات فى اوروبا حصلت فى القرن التمنتاشر ، و قانونى انتهت المحاكمات فى بريطانيا بصدور قانون 1735 اللى وقف المحاكمات لكن فى المانيا استمرت المحاكمات القانونيه لغاية اواخر القرن التمنتاشر. استمرت محاكمات السحارات و حرقهم فى اوروبا لحد فى وقت الثوره الفرنساويه ، أخر مره معروفه اتحاكمت فيها ست و اتحرقت بتهمة السحر كان فى سويسرا سنة 1782.[1] محاكمات السحر فى سالم Salem witch trials " اللى حصلت فى 1692 - 1693 بتعتبر من أشهر محاكمات السحارات فى امريكا و فى العالم بوجه عام.
الخلفيه
الإعتقاد بالسحر و الساحرات كان موجود فى اوروبا من ازمنه طويله قبل و بعد ظهور المسيحيه من مش ما يكون اكتر من قصص و فولكلور شعبى ، و كانت الكنايس بتحاربه و بتعتبره من مخلفات العصور الوثنيه قبل المسيحيه ماتدخل اوروبا ، لكن من اواخر القرن خمستاشر ، حوالى سنة 1490 ، اتطور الموضوع و اتحول لحالة هوس و استمر على الوضع ده فتره طويله رغم ان اوروبا كانت خرجت من عصور الظلام و عدت عصور النهضه و التنوير ، و الكنيسه اللى كانت بتحارب الإعتقاد بالسحر و السحارين بإعتبار انه مجرد خرافات من العصور الوثنيه بقت بتروج ليه كواقع و حاجه حقيقيه. الكنيسه بحلول القرن الستاشر فجاءه بقت بتصور المخلوقات الشريره اللى بيتسموا " الساحرات " كخطر كبير على المجتمع المسيحى و بقى الهدف التدوير عليهم و العثور عليهم و تدميرهم. الموضوع فوق كده ما اقتصرش على القسسه و الرهبان و الناس الساذجه من مش المتعلمين لكن دخل فيه كمان علما و مفكرين كبار .[5] موضوع السحارات فى القرنين الستاشر و السبعتاشر بقى حالة هوس و هيستيريا سايده نواحى اوروبا و بقت السحارات حاجه معترف بيها على نطاق واسع فى المجتمعات الاوروبيه.
رغم انإن البروتيستانت اتمردوا على الكنيسه الكاتوليكيه و عارضوا تعاليمها و كان من مبادئهم ان الحاجات اللى مش فى الانجيل هى بدع من اختراع الكاتوليك ، و هما نفسهم عانوا من القهر ، لكن اتفقوا مع الكاتوليكيه فى موضوع السحارات و شاركو فى حرق الستات بتهمة السحر.
هوس السحر و السحارات بيعتبر تاريخى من اكتر الامثله اللى بتبين ازاى الايمان بالخرافات و الغيبيات ممكن يتحول لحالة هيستريه بيفقد فيها المجتمع قدرته على التفكير السليم و ازاى الناس ممكن تتحول لقطيع لما يصدقوا حاجه من مش تفكير أو اثبات.
فى الاولانى عامة الناس ما كانوش مهتمين قوى بموضوع السحر و السحارات لكن مع مرور السنين و زيادة حدة البروباجاندا و حملات التخويف اللى عملتها الكنيسه عن خطورة السحارات انتشر الفزع بين الناس و الناس اللى رفضت الفكره كانو فى العاده هما نفسهم بيتهموا بالسحر فكانوا يا إما بيتقتلوا أو بيجبروا على السكوت.
التغييرات دى كانت بسبب المطامع الماديه و السلطويه. اتهامات السحر بقت سلاح فى ايدين السلطات الكنسيه و السلطات السياسيه لحماية مصالحهم. اوروبا فى الفتره دى كانت فى حالة تغيير فكرى فكانت الاتهامات بالسحر اللى بيتبعها الإعدام وسيله للتخلص من المناؤيين و اصحاب الأفكار " الخطر ". المؤرخ چورج بور George L. Burr ضاف كمان عناصر الحقد و الغيره من المتهمين فقال إن " الثروه و الجمال و الخلق الكويس كانو فى العاده من اسباب توجيه الاتهامات ". صيادين السحارات كانو فى العاده بيوجهوا الاتهمات للناس اللى ممكن تكون عندهم ممتلكات ممكن تتصادر و بطبيعة الحال الكنيسه و الملك و النبلا و رجال الدوله كانو بياخدوا نصيبهم من الممتلكات اللى بتتصادر من السحارات ، و صياد السحارات كان هو كمان بياخد نايبه. مصادرة ممتلكات السحارات ماكنتش قانونيه فى كل اوروبا ، فمثل فى انجلترا المصادرة كانت ممنوعه و عشان كده صيد السحارات فى انجلترا و الاماكن اللى كان ممنوع فيها المصادره ما كانش بالعنف و القسوه الموجوده فى البلاد المسموح فيها بالمصادره .[6]
الساحره
الساحره كانت بتعتبر ست عملت اتفاقيه مع امير الظلام و بكده بقت فى صف القوى الشريره و فى حالة عداء للرب. السحر بقى بينظر ليه بإعتباره دين للشر هدفه تدمير الديانه المسيحيه. فى المجتمعات البدائيه السحار ممكن يكون شرير بيإذى الناس أو كويس بيساعد الناس ، لكن فى اوروبا السحارات كانو بعتبروا اشرار بس ، و مش بس ممكن يإذوا الناس كأفراد لكن ممكن كمان يسببوا أعاصير و كوارث طبيعيه تانيه تإذى كل المجتمع.
مع نمو هيسترية الساحرات ابتدى المحققين الخايفين على الناس يدخلوا عناصر جديده فى الخرافه ، فإخترعوا حاجه اسمها " اجتماع السبت Sabbat " . اجتماع السبت ده كان عباره عن اجتماع بالليل بتحضره الساحرات مع العفاريت الشرانيه و قوى الشر ، فكانت كل سحاره بتطير على مقشه و تنزل فى مكان الإجتماع السرى. فى الاجتماع ده كانت السحارات بتجتمع و بتحتفل ، و ساعات الواحده منهم كانت بتندهش لما تشوف واحده من جاراتها حاضره الاجتماع لإنها ما كانتش تعرف إنها هى كمان سحاره زيها. شهادة أى حد بإنه بالصدفه شاف واحده فى اجتماع السبت كانت كافيه لمحاكمتها و ما كانتش فيه وسيله للضحيه ممكن تثبت بيها انها بريئه و ما حضرتش أى إجتماع ، فحتى لو قدرت تثبت انها ليلتها كانت فى بيتها و نايمه فى سريرها المحقق فى الحاله دى كان بيرد و يقول ان اللى فى السرير ماكانش هى لكن حد من قوى الشر. فيه واحد اياميها إدعى انه شاف " اجتماع السبت " و وصفه بقوله : " السبت كان عامل زى اجتماع تجار بيتناقشوا بحده و بطريقه هيستيريه بعد ما وصل منهم حوالى ميت ألف من نواحى كتيره " .[7]
من العناصر التانيه اللى دخلها المحققين و صيادين السحارات على الخرافه ، حيوانات و طيور كانت بتعيش مع السحاره ( Familiars ) ، و كان منها قطط و فيران و ضفادع و معيز و غربان و بوم و كائنات شكلها غريب ، و بطبيعة الحال الحيوانات دى ما كانتش حيوانات بحق و حقيقى لكن عفاريت متنكرين مهمتهم مساعدتها على تنفيذ اعمالها الشريره فى اذية الناس و تقديم النصايح ليها. فى العاده القطط السودا كانت من حيوانات الساخرات. من مهمات صياد السحارات لقيان الحيوانات دى عشان يثبت ان الست سحاره ، و لو ما لقاش قطه فى بيتها كان بيلاقى كلب أو فرخه أو بطه أو فار أو لحد دبانه كانت ممكن تبقى دليل ادانه تأدى لإعدام الضحيه. طبع توجيه اتهام عن طريق الحيوانات اللى اتلاقت كانت عمليه سهله لإن ماكانش مشكله للصياد انه يلاقى حيوان أو حشره فى بيت الست اللى عايز يقبض عليها ، فلو لقى دبانه طايره فى البيت كان طوالى بيقول انها بتحاول تساعد السحاره .[8] بطبيعة الحال صياد الساحرات ما كانش بيعتقد انه بيمارس عمل شرانى لكن كان فاكر انه بيأدى خدمة لحماية المجتمع و الناس من شر السحارات.
بعد توجيه الاتهام للست كان بيقى قدامها اما تعترف أو تنكر التهمه. لو اعترفت كانت بتتقتل و لو انكرت كانت بتتعرض للتعذيب لغاية ما تعترف أو تموت. و لحد اللى بيعترفوا كانو بيتعذبوا لضمان انهم ما اعترفوش لمجرد الهروب من التعذيب. الإعتراف كده كده كان لازم يتم بالتعذيب عشان يبقى قانونى. و فى حالة ان الست انكرت بعد ما اعترفت ما كانش بيتاخد بالإنكار لإنها خلاص قرت و اعترفت. بطبيعةالحال السؤال هو ازاى كان ممكن الست المتهمه تقدر تدافع عن نفسها ؟ و الرد ببساطه انه ماكانش فيه وسيله. و بالطريقه دى حوالى 200.000 شخص برىء فى اوروبا اتعذبوا و اتعدموا. كرسى التغطيس كان من اشهر وسايل التعذيب للحصول على الإعترافات.
بعد الاعتراف أو لحد انكاره كانت بتم عملية الإعدام. عمليات الإعدام كانت فى العاده بالحرق بالنار. ساعات لأسباب انسانيه كان بيتم قتل " السحاره " الاولانى و بعدين بيتحرق جسمها. حرق الساحرات كان متوافق عليه عن طريق فلاسفه و قديسين مسيحيين مشهورين زى " القديس أوجستين " (354-430)، و توماس الاكوينى (1227-1274) ، و جون كالفين (1509-1564) و غيرهم.[4]
شاكوش السحارات
صيادين السحارات و المحققين و القضاه و غيرهم كانو بيعتمدوا على نصايح و ارشادات من كتاب اسمه " شاكوش السحارات (Malleus Maleficarum) " اصدره اتنين رهبان دومينيكان هما هينريش كرامر Heinrich Kramer و يوهان سبرينجر Johann Sprenger سنة 1486 ، الاتنين كان عينهم البابا اينوسنت التامن Innocent VIII محققين فى محاكم التفتيش فى المانيا .[9]
الكتاب كله خدع و حيل لتوقيع المتهمات فى الكلام و اثبات التهمه عليهم. من النصايح الموجوده فى الكتاب إن المحقق يبدأ بسؤال المتهمه اذا كانت بتؤمن بالسحر و لا لاء فإذا قالت " لاء " يسألها يعنى مابتعترفيش بالمحاكمات اللى اتعملت للسحارات ؟ و بكده يبقى لبسها تهمه مش حاتطلع منها. و بيقدم الكتاب نصايح للقضاه انهم يلبسوا احجبه معينه و ما يخلوش "السحاره" تدخل عليهم بوشها لكن بضهرها و ما يلمسوهاش عشان يتجنبوا تأثير سحرها عليهم. من أدنأ النصايح ان القاضى يحاول يطمن السحاره و يوعدها انه حا يكون رحيم معاها اذا اتجاوبت مع تحقيقاته ، لكن فى نفس الوقت يقول لنفسه فى سره انه بيقصد الرحمه لنفسه أو للكنيسه أو للدوله لإن عمل أى حاجه للحفاظ على الدوله رحمه.
الكتاب كان بينصح المحققين انهم يعينوا حراس على المتهمات فى زنازينهم لمنعهم من الانتحار ان روح الشر كانت بتخليهم يحاولوا ينتحروا عشان يفلتوا. فيه متهمات كانو بيحاولوا الانتحار للهروب من التعذيب و البؤس ، لكن محاولة الانتحار كان بيعتبرها المحققين و القضاه دليل على انهم سحارات على اساس ان محاولات الانتحار نابعه من الشر .[10]
المحرقه
ما بين سنة 1587 و 1593 اسقف تريفيه Trèves حرق 368 سحاره ، يعنى بمعدل واحده فى الاسبوع. و فى سنة 1585 قريتين فى المانيا اعلنوا ان ما عادش فيهم ستات مش ست واحده فى كل قريه ، و فى نفس السنه فى فترة تلت تشهر حرق اسقف جنيف 500 واحده اتهموا بالسحر ، و من 1623 لحد 1633 اسقف بامبيرج Bamberg حرق اكتر من 600 ، و فى بداية سنة 1600 اسقف وورزبورج Würzburg حرق 900 كان من ضمنهم تسعتاشر قسيس و عدد من الاطفال اتهموا بإنهم مارسو الجنس مع عفاريت ، و فى نفس الفترة اتحرق 800 فى سافوى [11] ، و مع نهاية القرن السبعتاشر الهيستيريا عدت المحيط الاطلنطى للمستعمرات فى نيو اينجلاند فى امريكا و حصلت هناك محاكمات مشهوره اتعرفت بإسم" محاكمات السحر فى سالم Salem witch trials " . مع ان القضيه دى و أحداثها اللى بدإت سنة 1690 ما تتقارنش بالمحاكمات المرعبه اللى حصلت فى اوروبا فى القرنين الستاشر و السبعتاشر و ما اتعدمش فيها مش 20 شخص لكن بتعتبر قصه غريبه و حدث مهم بيهتم بيه علما الانثروبولوجيا و الإجتماع و اتعملت عنه دراسات كتيره.
بتعتبر جان دارك من أشهر اللى اتهموا بالسحر فى اوروبا و اتعدمت بالحرق فى روان فى فرنسا سنة 1431 . و من اشهر المحاكمات التانيه كانت محاكمة " فرسان المعبد " ، اللى اتقبض عليهم يوم الجمعه 13 اكتوبر 1307 ، و انتهت محاكماتهم بإعدامهم وحرق ريسهم جاك دى مولاى Jacques de Molay سنة 1314 ، بعد ما اختلفوا مع البابا كليمينت الخامس Clement V و فيليب الرابع Philip IV ملك فرنسا على امور ماليه فإتوجهت ليهم تهم تشبه تهم الساحرات و انتزعت الاعترافات منهم بالتعذيب.
أخر مره اتحاكمت فيها ست فى اوروبا و اتحرقت بتهمة السحر كان فى سويسرا سنة 1782.
شوف كمان
فهرست وملحوظات
- ↑ أ ب Philp Mayer, witches , Witchcraft, P.45
- ↑ الأزاندى Azande قبيله فى شرق وسط افريقيا بيعيش افرادها فى شمال شرق جمهورية الكونجو الديموقراطيه و جنوب غرب السودان و جنوب شرق جمهورية افريقيا الوسطى.
- ↑ Evans-Pritchard, P.21
- ↑ أ ب Daniel Cohen , P.71
- ↑ Trevor-Ropper, The European witch craze, Witchcraft, P.123
- ↑ Daniel Cohen , P.69
- ↑ Daniel Cohen , P.72
- ↑ Daniel Cohen , P.74-75
- ↑ Baigent & Leigh P.106-107
- ↑ Baigent & Leigh P.117-118
- ↑ Baigent & Leigh P.120
مصادر
- Witchcraft and Sorcery, edited by Max MarwicK, penguin Modern Sociology Readings,Penguin Education, 1975
- Daniel Cohen, Witchcraft, Superstition & Ghostly Magic, Grosset & Dunlap, New York, 1971
- Evans-Pritchard, E.E., Witchcraft, Oracles and Magic among the Azande, clarendon press, 1937
- M. Baigent & R. Leigh, The Inquistion, Penguins Books, 2000
- The New Encyclopædia Britannica, Micropædia,H.H. Berton Publisher,1973-1974
- The New Encyclopædia Britannica, Macropædia,H.H. Berton Publisher,1973-1974